حينئذ: فإن العمل بها يحمل مسوغاته، بخاصة إذا اقترنت بالقناعة " وجدانيا " - وإن كانت " علميا " مرفوضة من حيث الخضوع لقواعد الحجية، إلا أن " الوجدان " وملاحظة القرائن المحتفة بها، تحمل الفقيه على الظن المعتد بصحة مثل هذه الروايات. والمهم، أن المؤلف - في أمثلة هذه المواقف - يعمل بالخبر الضعيف، كما قلنا، وهذا من نحو عمله بالروايات المانعة من أخذ الرشاء في الحكم مثلا، حيث استشهد بالروايات الضعيفة في ذلك. ومن نحو عمله برواية ضعيفة تحرم الحج بمال غير حلال، فيما يعززها حكم " العقل " أو القاعدة الشرعية بذلك. وحتى في حالة عدم تأييدها بحكم عقلي أو بعدم خلاف بين الفقهاء، حيث إنه في حالة عدم الخلاف من الممكن أن يكون العمل بالضعيف مستندا إلى عمل الأصحاب، يظل العمل بالضعيف أمرا ملحوظا لدى المؤلف، مثل ذهابه (14) إلى استحباب المقام على تجارة معينة إذا ربح فيها، واستحباب التحول عنها إذا خسر فيها، واستحباب قلة الربح. إلخ، حيث اعتمد المؤلف على روايات ضعيفة في المسائل المشار إليها.
وهذا فيما يتصل بمطلق التعامل مع الروايات الضعيفة. وفي حالة التضارب بين خبرين ضعيفين، نجد أن المؤلف يعمل بهما أيضا ما دام الخبران المتضاربان لم " يعارضهما " ما هو معتبر من الروايات. وهذا من نحو عمله بروايتين: إحداهما: مرسلة، والأخرى: غير معتبرة، لمكان " السكوني " فيها، حيث جمع بينهما في حديثه عن صفق الوجه بالماء أو صبه على نحو التفريق، مستندا إلى وجهة نظر الفقهاء، قائلا: (وجمع بينهما بأن الأول محمول على إباحته ولا يجب خلافه والثاني محمول على أولوية غيره، فلا ينافي). وحتى في حالة كون أحدهما ضعيفا والآخر معتبرا، فإن المؤلف يعمل بهما في صعيد التضارب أيضا، وهذا من نحو جمعه بين روايات بعضها معتبر وبعضها غير معتبر، تمنع الدائن من أخذ حقه إذا أودع المدين لديه مالا، وبين روايات ضعيفة تبيح ذلك (15)،