بصير. وهناك رواية لسماعة تتضمن نفس الحكمين، إلا أن المؤلف رفضها لكون سماعة ضعيفا من جانب، ولكونها مضمرة لم يسندها إلى المعصوم " ع " من جانب آخر، لذلك عقب قائلا: (والأقرب الإفساد عملا بالرواية الأولى، وبالاحتياط المعارض لأصل البراءة).
كذلك في ذهابه إلى مفطرية الغبار، استند إلى رواية سليمان المروزي: (سمعته يقول: إذا تمضمض الصائم في شهر رمضان أو استنشق متعمدا أو شم رائحة غليظة أو كنس بيتا فدخل في أنفه وحلقه غبار، فعليه صوم شهرين متتابعين.). حيث تضمنت الرواية أحكاما لا قائل بها مثل مفطرية الرائحة. ولكنه قد اعتمدها بالنسبة إلى الغبار " وهذه الرواية مضمرة " ولكنه لم يعقب عليها، لأسباب نذكرها لاحقا.
كذلك، نجده قد اعتمد رواية عبد الله بن سنان التي تضمنت حكمين، أحدهما:
طهارة ومطهرية الماء المستعمل في رفع الحدث الأصغر، والآخر: عدم مطهرية المستعمل في رفع الحدث الأكبر، حيث عمل المؤلف بجزئها الأول ورفض العمل بجزئها الآخر، علما بأن الرواية في طريقها أحمد بن هلال المعروف بالضعف - وسنوضح سر العمل بها في حينه - بيد أن المهم هو: أن المؤلف في هذه النماذج الثلاثة وفي نماذج أخرى، لا ضرورة للاستشهاد بها قد فكك بين محتويات النص، فعمل بأحد أجزائها دون الأجزاء الأخرى، انطلاقا من إدراكه لإمكانية مثل هذا التفكيك بالرواية، وهو موقف يدل على صواب وجهة نظره ما دمنا قد أشرنا إلى أن إمكان التوهم في شئ لا يستلزم التوهم في الأشياء الأخرى. لكن ثمة ملاحظ (9) على نمط تعامله مع أمثله هذه النصوص. فالمؤلف عندما عرض رواية ابن سنان، لم يعلق على ضعفها مع أن دأبه - كما لحظنا عند حديثنا عن نهجه المقارن في الخطوة الثانية - الإشارة إلى ضعف الخبر بالرغم من كونه واردا ضمن أدلته الشخصية، ولكننا نجده بعد سطور " وهو يدلل على مطهرية الماء المستعمل في رفع الحدث الأكبر " ويرد القائلين بعدم مطهريته فيما استندوا إلى الجزء الآخر من رواية ابن سنان