حيث جمع بين الطائفتين بحمل الروايات المانعة على ما لو أنكر المدين، فاستحلفه على ذلك فحلف.
بيد أن الملاحظ أن سكوت المؤلف عن خدش الرواية، يتضخم بنحو ملحوظ في أبواب التجارة. ولعل ذلك يتساوق مع ما قلنا - في مقدمة هذه الصفحات - من أن المؤلف يتخلى عن المنهج المفصل في الأبواب الأخيرة من الكتاب، لاحتمالات متنوعة، أشرنا إليها في حينه.
التوقف أو التردد:
يظل استخلاص الحكم هو النتيجة النهائية لأية ممارسة فقهية، وإذا كانت الممارسة تعنى بعرض الآراء والأدلة ومناقشتها والرد عليها، فلأنها مقدمات لا بد أن تقضي إلى ما هو نهائي من الحكم. وهذا الاستخلاص للحكم يأخذ عند المؤلف: إما طابعا حاسما لامكان فيه للافتراض أو التأرجح أو التوقف، وإما أن يخضع لافتراضات متنوعة تتطلبها طبيعة مناقشة الآخرين، وهذان النمطان من استخلاص الحكم لحظناهما بوضوح لدى المؤلف، فهو يفتي حاسما من خلال دليله الشخصي الذي يعدمه أولا ثم يفترض إمكان خضوع هذا النص أو الدليل إلى حكم آخر كالاستحباب أو الكراهة. إلخ، لكن هناك من الممارسات ما يقف المؤلف عندها متأرجحا بين هذا الحكم أو ذاك، ومن ثم يتوقف عن إصدار الحكم. ولا شك أن كلا من التأرجح والتوقف له مسوغاته التي ينبغي أن نثمنها لدى المؤلف ما دامت طبيعة الدليل لا تسمح له إلا بالتأرجح أو التوقف.
ويمكننا ملاحظة المستوى الأول من إصدار الحكم، أي: التأرجح، فمثلا في ممارسته الذاهبة إلى جواز الاقتصار على جزء من السورة أو قراءة السورة كاملة قائلا: (ولو قيل فيه روايتان، إحداهما: جواز الاقتصار على البعض، والأخرى: المنع، كان وجها، ويحمل، المنع على كمال الفضيلة).
وسبب هذا التأرجح أن المؤلف استدل أولا على وجوب السورة كاملة، إلا أنه عرض نصوصا معتبرة تجوز ذلك، مما اقتاده إلى التأرجح المذكور. كذلك في ممارسته الذاهبة إلى