لمنهجه في المقارنة. وأما بالنسبة للأصول العملية وسواها فبالرغم أننا لحظنا تعامله مع الأصول المذكورة في صعيد " المقارنة " إلا أن ثمة ملاحظات لا بد من عرضها في هذا الحقل الذي نتحدث عنه الآن، ولعل أهم ما ينبغي أن نلحظه هو: منهج المؤلف في التعامل مع الأصول، حيث نعرف جميعا بأن الأصل العملي هو: الدليل الثانوي الذي يلجأ إليه الفقيه في حالة عدم الحصول على الدليل المحرز وهذا ما أشار المؤلف إليه في مواقع متنوعة من ردوده على المخالف، مثل رده على من اعتمد " الاستصحاب " في طهارة المسكر قائلا:
(الاستصحاب إنما يكون دليلا ما لم يظهر مناف، والأدلة التي ذكرناها أي النصوص تزيل حكم الاستصحاب) ومثل رده على القائل بعدم الكفارة لمن فاته صيام رمضان في اعتماده أصل البراءة، قائلا (إن أصالة براءة الذمة لا يصار إليها مع وجود المزيل وهو ما تقدم من الأحاديث). غير أن المؤلف هنا لا يحق له إلغاء " الأصل " الذي اعتمده المخالف " وهو ابن إدريس " حيث لم يعتمد هذا الفقيه الأخبار التي أوردها المؤلف بل اعتبرها " ظنية " مما سوغ له الرجوع إلى " الأصل ". وبغض النظر عن ذلك، فإن المؤلف انطلاقا من هذا المبدأ نجده يعتمد " الأصل " بمختلف أقسامه ومستوياته عند فقدان الدليل، مثل ذهابه إلى عدم طهارة المياه بعد زوال تغير ها بالنجاسة، قائلا: (ولأنها نجسة قبل الزوال فيستصحب الحكم) ومثل ذهابه إلى عدم تكرر الكفارة لمن أخر قضاء صومه لسنتين قائلا: (لأن الأصل: براءة الذمة).
فالمؤلف حينما اعتمد الاستصحاب والبراءة في النموذجين السابقين إنما اعتمدهما بناءا على فقدان النص، كما أنه حينما رد المخالف على اعتماده دليلي الاستصحاب والبراءة وغيرهما، إنما كان رده نابعا من وجود النص. وهذا يعني انتفاء " الأصل " في حالة وجود النص، لكن يبدو أن المؤلف ينطلق من قناعات خاصة " ومثله الكثير من فقهائنا قديما وحديثا " بالنسبة إلى اعتماده " الأصل " في حالة وجود النص أيضا بالرغم من كونه ينكر على الآخرين مثل هذا الاعتماد، كما لحظنا.
فالملاحظ في ممارساته أنه يعتمد " الأصل " إلى جانب " النص " - في حالة توافق الدليلين: " النص والأصل " كما لو أضاف إلى النص " أصلا "، وهذا من نحو ذهابه إلى