نجده يقول (في طريقها ابن هلال، وهو ضعيف جدا). علما بأن المؤلف قد عمل بهذه الرواية في جزئها الأول. طبيعيا، سوف نرى عند حديثنا عن تعامله مع السند " وهو أمر لحظناه في تعامله مع روايات الجمهور "، أن المؤلف يستهدف " إلزام المخالف " فحسب، لذلك " يشكل " عليه ما أمكن، وهو أمر له مشروعيته حقا في حالة كون المؤلف قد أورد الخبر بمثابة تكثير للأدلة التي تعزز صحة الخبر الضعيف. بيد أن الأمر الذي تحدر ملاحظته في هذا الصعيد، هو: أن المؤلف عندما ينفرد بدليل روائي واحد ويرتب عليه الحكم حينئذ لا مجال لمؤاخذة المخالف بالعمل بها. ففي تدليله على عدم استلزام الكذب للكفارة: رد المخالف على استدلاله بخبري أبي بصير وسماعة قائلا: (والجواب عن الحديثين باشتمالهما على ما منعتم من العمل به) كما أنه في استدلاله برواية سليمان بالنسبة إلى استلزام الغبار للكفارة، عقب قائلا:
(الاستدلال بهذه الرواية ضعيف لوجهين، أحدهما: عدم الاتصال إلى إمام. الثاني:
اشتمال هذه الرواية على أحكام لا تثبت على ما يأتي).
فالملاحظ هنا أن استدلاله بكون رواية سليمان تشتمل على أحكام غير ثابتة، يتزامن مع كونه قد رتب عليها أثرا وهو مفطرية الغبار. كذلك اشتمال رواية أبي بصير على ما منع به الآخرون العمل، يتضمن نفس الشئ حيث إن المؤلف أيضا قد عمل بجزء من الرواية وترك العمل بما هو ممنوع منه. لذلك نجد أن " تضادا " ملحوظا في مثل هذه الممارسات لدى المؤلف، مما يصعب التسليم بها في هذا المجال، إلا مع فرضية " إلزامه " المخالف. إلا المخالف ما دام قد عمل بجزء من الرواية - بدليل ذهابه إلى مفطرية الكذب مثلا - حينئذ لا مجال لإلزامه بالقول بأن الرواية تضمنت ما لم يعملوا بها من الأحكام.
التعامل مع الأصول العملية وسواها:
النماذج المتقدمة، تجسد تعامل المؤلف مع النص: كتابا وسنة، كما تجسد تعاملا مع الدليل الثالث " العقل ". وأما الدليل الرابع " الإجماع " فقد لحظنا مستوياته عند عرضنا