رؤوسهم شئ) فبالرغم من أن عبارة " ليس " تتنافى مع " التخيير "، إلا أنه عقب على هذه الرواية بقوله: (نحملها على ما إذا صالحهم على قدر، فإن شاء أخذه من رؤوسهم ولا شئ حينئذ على أراضيهم، وبالعكس: ليس فيهما دلالة على المنع). واضح، أن هذا الحمل لا ينسجم مع قوله " ع ": (وليس على أموالهم شئ) و (ليس على رؤوسهم شئ) وحتى مع إمكان مثل هذا الحمل، فإن " التعليل " العقلي الذي قدمه المؤلف بقوله: " ولأن ذلك أثبت للصغار " لا يمكن التسليم به، لأن قوله تعالى: (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) لا يعني أن الوالي بمقدوره أن يحقق كل المصاديق التي ينطبق عليها معنى " الصغار " بل لا بد من تقييد ذلك بالموارد التي تحددها " السنة " وإلا أمكن للوالي أن يصنع ما يشاء إمعانا في " الصغار " وهو أمر يصعب التسليم به، كما قلنا.
6 تفكيك النصوص: من الظواهر المألوفة في بعض النصوص، أنها تتضمن أحكاما " نادرة " لا شاهد لها في النصوص الأخرى، كما لم يعمل بها الفقهاء عامة، إلى جانب تضمنا أحكاما اعتيادية.
فمثلا في إحدى الروايات - جاء فيها: (أن الكذب على الله تعالى ورسوله يفطر الصائم وينقض الوضوء).. أمثلة هذه الرواية المتضمنة نوعين من الحكم: النادر، والاعتيادي أو المقبول " يقف الفقهاء حيالها على نمطين: نمط يرفض العمل بها مطلقا نظرا لتضمنها ما هو غير مقبول، ونمط يعمل بما هو مقبول منها ويرفض الآخر. ونحن إذا أخضعنا هذه الظاهرة إلى " العرف " حينئذ لا نجد مسوغا لرفض الرواية بجزئيها لمجرد أن أحد جزئيها خاضع للإحالة. والسر في ذلك أن الراوي من الممكن جدا أن يتوهم في النقل أو السماع فيثبت إحدى الحقائق بصورة مغلوطة، ويثبت الحقائق الأخرى في صورها الصائبة، وهذا ما يمكن ملاحظته في حياتنا اليومية التي نخبر فيها أمثلة هذا التوهم. المؤلف يبدو أنه ينتسب إلى الفريق الثاني الذي يؤمن بإمكان تفكيك الرواية والعمل بأحد أجزائها والرفض لأجزائها غير المقبولة، وهذا ما نلحظه بالنسبة إلى موقفه من الرواية المشار إليها، حيث ذهب إلى مفطرية الكذب دون نقضه للوضوء مستندا في ذلك إلى الرواية ذاتها. هذه الرواية لأبي