(مسألة) قال (والمرأة احرامها في وجهها فإن احتاجت سدلت على وجهها) وجملة ذلك أن المرأة يحرم عليها تغطية وجهها في احرامها كما يحرم على الرجل تغطية رأسه لا نعلم في هذا خلافا إلا ما روي عن أسماء أنها كانت تغطي وجهها وهي محرمة، ويحتمل أنها كانت تغطيه بالسدل عند الحاجة فلا يكون اختلافا. قال ابن المنذر: وكراهية البرقع ثابتة عن سعد وابن عمر وابن عباس وعائشة ولا نعلم أحدا خالف فيه، وقد روى البخاري وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين " فأما إذا احتاجت إلى ستر وجهها لمرور الرجال قريبا منها فإنها تسدل الثوب من فوق رأسها على وجهها، روي ذلك عن عثمان وعائشة وبه قال عطاء ومالك والثوري والشافعي وإسحاق ومحمد بن الحسن ولا نعلم فيه خلافا، وذلك لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه. رواه أبو داود والأثرم، ولان بالمرأة حاجة إلى ستر وجهها فلم يحرم عليها ستره على الاطلاق كالعورة. وذكر القاضي أن الثوب يكون متجافيا عن وجهها بحيث لا يصيب البشرة، فإن أصابها ثم زال أو أزالته بسرعة فلا شئ عليها كما لو أطارت الريح الثوب عن عورة المصلي ثم عاد بسرعة لا تبطل الصلاة، فإن لم ترفعه مع القدرة افتدت لأنها استدامت الستر ولم أر هذا الشرط عن أحمد ولا هو في الخبر مع أن الظاهر خلافه، فإن الثوب المسدول لا يكاد يسلم من إصابة البشرة،
(٣٠٥)