(فصل) فإن قتل ماخضا فقال القاضي يضمنها بقيمة مثلها، وهو مذهب الشافعي لأن قيمته أكثر من قيمة لحمه، وقال أبو الخطاب يضمنها بما خض مثلها لأن الله تعالى قال (فجزا مثل ما قتل من النعم) وإيجاب القيمة عدول عن المثل مع إمكانه. فإن فداها بغير ماخض احتمل الجواز لأن هذه الصفة لا تزيد في لحمها بل ربما نقصها فلا يشترط وجودها في المثل كاللون والعيب، وان جنى على ماخض فأتلف جنينها وخرج ميتا ففيه ما نقصت أمه كما لو جرحها، وان خرج حيا لوقت يعيش لمثله ثم مات ضمنه بمثله وإن كان لوقت لا يعيش لمثله فهو كالميت كجنين الآدمية (فصل) وان أتلف جزءا من الصيد وجب ضمانه. لأن جملته مضمونة، فكان بعضه مضمونا كالآدمي والأموال، ولان النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا ينفر صيدها " فالجرح أولى بالنهي، والنهي يقتضي تحريمه، وما كان محرما من الصيد وجب ضمانه كنفسه، ويضمن بمثله من مثله في أحد الوجهين لأن ما وجب ضمان جملته بالمثل وجب في بعضه مثله كالمكيلات، والآخر يجب قيمة مقداره من مثله لأن الجزاء يشق إخراجه فيمنع إيجابه، ولهذا عدل الشارع عن ايجاب جزء من بعير في خمس من الإبل إلى ايجاب شاة من غير جنس الإبل، والأولى أولى. لأن المشقة ههنا غير ثابتة لوجود الخيرة له في العدول عن المثل إلى عدله من الطعام أو الصيام فينتفي المانع فيثبت مقتضي الأصل، وهذا إذا اندمل الصيد ممتنعا، فإن اندمل غير ممتنع ضمنه جميعه لأنه عطله فصار كالتالف، ولأنه مفض إلى تلفه فصار كالجارح له جرحا يتيقن به موته، وهذا مذهب أبي حنيفة ويتخرج أن يضمنه بما نقص لأنه لا يضمن ما لم يتلف، ولم يتلف جميعه بدليل ما لو قتله محرم آخر لزمه الجزاء ومن أصلنا أن على المشتركين جزاء واحد وضمانه بجزاء كامل يفضي إلى ايجاب جزاءين وان غاب غير مندمل ولم يعلم خبره والجراحة موجبة فعليه ضمان جميعه كما لو قتله وان كانت غير موجبة فعليه ضمان ما نقص ولا يضمن جميعه لأننا لا نعلم حصول التلف بفعله فلم يضمن كما لو رمى سهما إلى صيد فلم يعلم أوقع به أم لا، وكذلك أن وجده ميتا ولم يعلم أمات من الجناية أم من غيرها، ويحتمل أن يلزمه ضمانه ههنا
(٥٣٨)