الأشهر بالخبر فاشتبهت عليه الأشهر فإنه يتحرى ويجتهد، فإذا غلب على ظنه عن أمارة تقوم في نفسه دخول شهر رمضان صامه ولا يخلو من أربعة أحوال (أحدها) أن لا ينكشف له الحال فإن صومه صحيح ويجزئه لأنه أدى فرضه باجتهاده فأجزأه كما لو صلى في يوم الغيم بالاجتهاد (الثاني) أن ينكشف له أنه وافق الشهر أو ما بعده فإنه يجزئه في قول عامة الفقهاء، وحكي عن الحسن بن صالح انه لا يجزئه في هاتين الحالتين لأنه صامه على الشك فلم يجزئه كما لو صام يوم الشك فبان من رمضان وليس بصحيح لأنه أدى فرضه بالاجتهاد في محله فإذا أصاب أو لم يعلم الحال أجزأه كالقبلة إذا اشتبهت، أو الصلاة في يوم الغيم إذا اشتبه وقتها وفارق يوم الشك فإنه ليس بمحل الاجتهاد، فإن الشرع أمر بالصوم عند أمارة عينها فما لم توجد لم يجز الصوم (الحال الثالث) وافق قبل الشهر فلا يجزئه في قول عامة الفقهاء، وقال بعض الشافعية يجزئه في أحد الوجهين كما لو اشتبه يوم عرفة فوقفوا قبله ولنا أنه أتى بالعبادة قبل وقتها فلم يجزئه كالصلاة في يوم الغيم، وأما الحج فلا نسلمه إلا فيما إذا أخطأ الناس كلهم لعظم المشقة عليهم، وإن وقع ذلك لنفر منهم لم يجزئهم، ولان ذلك لا يؤمن مثله في القضاء بخلاف الصوم (الحال الرابع) أن يوافق بعضه رمضان دون بعض فما وافق رمضان أو بعده أجزأه وما وافق قبله لم يجزئه (فصل) وإذا وافق صومه بعد الشهر اعتبر أن يكون ما صامه بعدة أيام شهره الذي فاته سواء وافق ما بين هلالين أو لم يوافق، وسواء كان الشهران تامين أو ناقصين ولا يجزئه أقل من ذلك، وقال القاضي ظاهر كلام الخرقي أنه إذا وافق شهرا بين هلالين أجزأه سواء كان الشهران تامين أو ناقصين أو أحدهما تاما والآخر ناقصا، وليس بصحيح فإن الله تعالى قال (فعدة من أيام أخر) ولأنه فاته شهر رمضان فوجب أن يكون صيامه عدة ما فاته كالمريض والمسافر، وليس في كلام الخرقي تعرض لهذا التفصيل فلا يجوز حمل كلامه على ما يخالف الكتاب والصواب، فإن قيل أليس إذا نذر صوم شهر يجزئه ما بين هلالين قلنا الاطلاق يحمل على ما تناوله الاسم والاسم يتناول ما بين الهلالين وههنا يجب قضاء ما ترك فيجب أن يراعي فيه عدة المتروك كما أن من نذر صلاة أجزأه ركعتان، ولو ترك صلاة وجب قضاؤها بعدة ركعاتها كذلك ههنا الواجب بعدة ما فاته من الأيام سواء كان ما صامه بين هلالين أو من شهرين فإن دخل في صيامه يوم عيد لم يعتد به، وإن وافق أيام التشريق فهل يعتد بها؟ على روايتين بناء على صحة صومها عن الفرض
(٩٦)