(فصل) ولا يجوز أن يستنيب في الحج الواجب من يقدر على الحج بنفسه اجماعا قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن من عليه حجة الاسلام وهو قادر على أن يحج لا يجزي عنه أن يحج غيره عنه والحج المنذور كحجة الاسلام في إباحة الاستنابة عند العجز والمنع منها مع القدرة لأنها حجة واجبة فأما حج التطوع فينقسم أقساما ثلاثة (أحدها) أن يكون ممن لم يؤد حجة الاسلام فلا يجوز أن يستنيب في حجة التطوع لأنه لا يصح أن يفعل بنفسه فبنائبه أولى (الثاني) أن يكون ممن قد أدى حجة الاسلام وهو عاجز عن الحج بنفسه فيصح أن يستنيب في التطوع فإن ما جازت الاستنابة في فرضه جازت في نفله كالصدقة (الثالث) أن يكون قد أدى حجة الاسلام وهو قادر على الحج بنفسه فهل له أن يستنيب في حج التطوع؟ فيه روايتان (إحداهما) يجوز وهو قول أبي حنيفة لأنها حجة لا تلزمه بنفسه فجاز أن يستنيب فيها كالمعضوب (والثانية) لا يجوز وهو مذهب الشافعي لأنه قادر على الحج بنفسه فلم يجز ان يستنيب فيه كالفرض (فصل) فإن كان عاجزا عنه عجزا مرجو الزوال كالمريض مرضا يرجى برؤه والمحبوس جاز له أن يستنيب فيه لأنه حج لا يلزمه عجز عن فعله بنفسه فجاز له أن يستنيب فيه كالشيخ الكبير، والفرق بينه وبين الفرض أن الفرض عبادة العمر فلا يفوت بتأخيره عن هذا العام والتطوع مشروع في كل عام فيفوت حج هذا العام بتأخيره ولان حج الفرض إذا مات قبل فعله فعل بعد موته وحج التطوع لا يفعل فيفوت (فصل) وفي الاستئجار على الحج والاذان وتعليم القرآن والفقه ونحوه مما يتعدى نفعه ويختص فاعل أن يكون من أهل القربة روايتان (إحداهما) لا يجوز وهو مذهب أبي حنيفة وإسحاق والأخرى يجوز وهو مذهب مالك والشافعي وابن المنذر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال " أحق ما أخذتم عليه اجرا كتاب الله " رواه البخاري
(١٨٠)