أعجب إلي قال أبو بكر ان رآه وحده ثم قدم المصر صام الناس بقوله على ما روي في الحديث وإن كان الواحد في جماعة الناس فذكر أنه رآه دونهم لم يقبل الا قول اثنين لأنهم يعاينون ما عاين وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه لا يقبل الا شهادة اثنين وهو قول مالك والليث والأوزاعي وإسحاق لما روى عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أنه خطب الناس في اليوم الذي يشك فيه فقال إني جالت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألتهم وانهم حدثوني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته وانسكوا فإن غم عليكم فأتموا ثلاثين وان شهد شاهدان ذوا عدل فصوموا وأفطروا " رواه النسائي ولأن هذه شهادة على رؤية الهلال فأشبهت الشهادة على هلال شوال وقال أبو حنيفة في الغيم كقولنا وفي الصحو لا يقبل الا الاستفاضة لأنه لا يجوز أن تنظر الجماعة إلى مطلع الهلال وأبصارهم صحيحة والموانع مرتفعة فيراه واحد دون الباقين ولنا ما روى ابن عباس قال جاء اعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال رأيت الهلال قال " أتشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله " قال نعم قال " يا بلال أذن في الناس فليصوموا غدا " رواه أبو داود والنسائي والترمذي وروى ابن عمر قال تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه رواه أبو داود (1) ولأنه خبر عن وقت الفريضة فيما طريقة المشاهدة فقبل من واحد كالخبر بدخول وقت الصلاة ولأنه خبر ديني يشترك فيه المخبر والمخبر فقبل من واحد عدل كالرواية وخبرهم إنما يدل بمفهومه وخبرنا أشهر منه وهو يدل بمنطوقه فيجب تقديمه ويفارق الخبر عن هلال شوال فإنه خروج من العبادة وهذا دخول فيها وحديثهم في هلال شوال يخالف مسئلتنا وما ذكره أبو بكر وأبو حنيفة لا يصح لأنه يجوز انفراد الواحد به مع لطافة المرئي وبعده ويجوز أن تختلف معرفتهم بالمطلع ومواضع قصدهم وحدة نظرهم ولهذا لو حكم برؤيته حاكم بشهادة واحد جاز ولو شهد شاهدان وجب قبول شهادتهما ولو كان ممتنعا على ما قالوه لم يصح فيه حكم حاكم ولا يثبت بشهادة اثنين ومن منع ثبوته بشهادة اثنين رد عليه الخبر الأول وقياسه على سائر الحقوق وسائر الشهور ولو أن جماعة في محفل فشهد اثنان منهم على رجل منهم أنه طلق زوجته أو أعتق عبده قبلت شهادتهما دون من أنكر ولو أن اثنين من أهل الجمعة شهدا على الخطيب أنه قال على المنبر في الخطبة شيئا لم يشهد به غيرهما لقبلت شهادتهما وكذلك لو شهدا عليه بفعل وإن كان غيرهما يشاركهما في سلامة السمع وصحة البصر كذا ههنا (فصل) وإن أخبره مخبر برؤية الهلال يثق بقوله لزمه الصوم، وان لم يثبت ذلك عند الحاكم
(٩٣)