ولنا أن المقصود الرائحة فإن الطيب إنما كان طيبا لرائحته لا للونه فوجب دوران الحكم معها دونه (فصل) فإن ذهبت رائحته وبقى لونه وطعمه فظاهر كلام الخرقي اباحته لما ذكرنا من أنها المقصود فيزول المنع بزوالها وظاهر كلام احمد في رواية صالح تحريمه وهو مذهب الشافعي قال القاضي محال أن تنفك الرائحة عن الطعم فمتى بقي الطعم دل على بقائه فلذلك وجبت الفدية باستعماله (مسألة) قال (ولا يدهن بما فيه الطيب ومالا طيب فيه) أما المطيب من الادهان كدهن الورد والبنفسج والزنبق والخيري واللينوفر فليس في تحريم الادهان به خلاف في المذهب وهو قول الأوزاعي وكره مالك وأبو ثور وأصحاب الرأي الادهان بدهن البنفسج وقال الشافعي ليس بطيب ولنا أنه يتخذ للطيب وتقصد رائحته فكان طيبا كماء الورد فأما مالا طيب فيه كالزيت والشيرج والسمن والشحم ودهن البان الساذج فنقل الأثرم قال سمعت أبا عبد الله يسأل عن المحرم يدهن بالزيت والشيرج فقال نعم يدهن به إذا احتاج إليه ويتداوى المحرم بما يأكل قال ابن المنذر أجمع عوام أهل العلم على أن للمحرم أن يدهن بدنه بالشحم والزيت والسمن ونقل الأثرم جواز ذلك عن ابن عباس وأبي ذر والأسود بن يزيد وعطاء والضحاك وغيرهم ونقل أبو داود عن أحمد أنه قال الزيت الذي يؤكل لا يدهن المحرم به رأسه فظاهر هذا أنه لا يدهن رأسه بشئ من الادهان وهو قول عطاء ومالك والشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي لأنه يزيل الشعث ويسكن الشعر فاما دهن سائر البدن
(٣٠٠)