أن الصوم لا يتبعض دعوى محل النزاع وإنما يشترط لصوم البعض أن لا توجد المفطرات في شئ من اليوم ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عاشوراء " فليصم بقية يومه " وأما إذا نسي النية بعد وجودها فإنه يكون مستصحبا لحكمها بخلاف ما قبلها فإنها لم توجد حكما ولا حقيقة ولهذا لو نوى الفرض من الليل ونسيه في النهار صح صومه ولو لم ينو من الليل لم يصح صومه، وأما ادراك الركعة والجماعة فإنما معناه أنه لا يحتاج إلى قضاء ركعة وينوي انه مأموم وليس هذا مستحيلا اما أن يكون ما صلى الإمام قبله من الركعات محسوبا له بحيث يجزئه عن فعله فكلا ولان درك الركوع مدرك لجميع أركان الركعة لأن القيام وجد حين كبر وفعل سائر الأركان مع الإمام وأما الصوم فإن النية شرط له أو ركن فيه فلا يتصور وجوده بدون شرطه وركنه إذا ثبت هذا فإن من شرطه أن لا يكون طعم قبل النية ولا فعل ما يفطره فإن فعل شيئا من ذلك لم يجزئه الصيام بغير خلاف نعلمه (مسألة) قال (ومن نوى من الليل فأغمي عليه قبل طلوع الفجر فلم يفق حتى غربت الشمس لم يجزه صيام ذلك اليوم) وجملة ذلك أنه متى أغمي عليه جميع النهار فلم يفق في شئ منه لم يصح صومه في قول إمامنا والشافعي. وقال أبو حنيفة: يصح لأن النية قد صحت وزوال الاستشعار بعد ذلك لا يمنع صحة الصوم كالنوم ولنا أن الصوم هو الامساك مع النية، قال النبي صلى الله عليه وسلم " يقول الله تعالى كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به يدع طعامه وشرابه من أجلي " متفق عليه، فأضاف ترك الطعام والشراب إليه، فإذا كان مغمى عليه فلا يضاف الامساك إليه فلم يجزئه، ولان النية أحد ركني الصوم فلا تجزئ وحدها كالامساك وحده، أما النوم فإنه عادة لا يزيل الاحساس بالكلية ومتى نبه انتبه، والاغماء عارض يزيل العقل فأشبه الجنون، إذا ثبت هذا فزوال العقل يحصل بثلاثة أشياء (أحدها) الاغماء وقد ذكرناه ومتى فسد الصوم هب فعلى المغمى عليه القضاء بغير خلاف علمناه لأن مدته لا تتطاول غالبا، ولا تثبت الولاية على صاحبه فلم يزل التكليف به وقضاء العبادات كالنوم، ومتى أفاق المغمى عليه في جزء من النهار صح صومه سواء كان في أوله أو في آخره، وقال الشافعي في أحد قوله: تعتبر الإفاقة في أول النهار ليحصل حكم النية في أوله
(٣٢)