فصوبه عمر وقال هديت لسنة نبيك وحديث عائشة حين قرنت الحج والعمرة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم حين حلت منهما " قد حللت من حجك وعمرتك " وإنما أعمرها النبي صلى الله عليه وسلم من التنعيم قصدا لتطيب قلبها وإجابة مسئلتها لا لأنها كانت واجبة عليها ثم إن لم تكن أجزأتها عمرة القران فقد أجزأتها العمرة من أدنى الحل وهو أحد ما قصدنا الدلالة عليه ولان الواجب عمرة واحدة وقد أتى بها صحيحة فتجزئه كعمرة المتمتع ولان عمرة القارن أحد نسكي القران فأجزأت كالحج والحج من مكة يجزئ في حق المتمتع فالعمرة من أدنى الحل في حق المفرد أولى وإذا كان الطواف المجرد يجزئ عن العمرة في حق المكي فلان تجرئ العمرة المشتملة على الطواف وغيره أولى (فصل) ولا باس أن يعتمر في السنة مرارا روي ذلك عن علي وابن عمر وابن عباس وأنس وعائشة وعطاء وطاوس وعكرمة والشافعي، وذكر العمرة في السنة مرتين الحسن وابن سيرين ومالك وقال النخعي ما كانوا يعتمرون في السنة إلا مرة ولان النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله ولنا أن عائشة اعتمرت في شهر مرتين بأمر النبي صلى الله عليه وسلم عمرة مع قرانها وعمرة بعد حجها ولان النبي صلى الله عليه وسلم قال العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما متفق عليه وقال علي رضي الله عنه في كل شهر مرة وكان أنس إذا حمم رأسه خرج فاعتمر رواهما الشافعي في مسنده وقال عكرمة يعتمر إذا أمكن الموسى من شعره وقال عطاء إن شاء اعتمر في كل شهر مرتين فاما الاكثار من الاعتمار والموالاة بينهما فلا يستحب في ظاهر قول السلف الذي حكيناه وكذلك قال احمد إذا اعتمر فلابد من أن يحلق أو يقصر وفي عشرة أيام يمكن حلق الرأس فظاهر هذا أنه لا يستحب أن يعتمر في أقل من عشرة أيام وقال في رواية الأثرم ان شاء اعتمر في كل شهر وقال بعض أصحابنا يستحب الاكثار من الاعتمار وأقوال السلف وأحوالهم تدل على ما قلناه ولان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم ينقل عنهم الموالاة بينهما وإنما
(١٧٥)