والكلام في حج الصبي في فصول أربعة، في الاحرام عنه أو منه، وفيما يفعله بنفسه أو بغيره، وفي حكم جناياته على احرامه، وفيما يلزمه من القضاء والكفارة (الفصل الأول في الاحرام) إن كان مميزا أحرم بإذن وليه وان أحرم بدون اذنه لم يصح لأن هذا عقد يؤدي إلى لزوم مال فلم ينعقد من الصبي بنفسه كالبيع، وإن كان غير مميز فأحرم عنه من له ولاية على ماله كالأب والوصي وأمين الحاكم صح، ومعنى إحرامه عنه انه يعقد له الاحرام فيصح للصبي دون الولي كما يعقد النكاح له فعلى هذا يصح أن يعقد الاحرام عنه سواء كان محرما أو حلالا ممن عليه حجة الاسلام أو كان قد حج عن نفسه، فإن أحرمت أمه عنه صح لقول النبي صلى الله عليه وسلم " ولك أجر " ولا يضاف الاجر إليها إلا لكونه تبعا لها في الاحرام، قال الإمام أحمد في رواية حنبل: يحرم عنه أبوه أو وليه واختاره ابن عقيل وقال المال الذي يلزم بالاحرام لا يلزم الصبي وإنما يلزم من أدخله في الاحرام في أحد الوجهين، وقال القاضي ظاهر كلام أحمد انه لا يحرم عنه إلا وليه لأنه لا ولاية للام على ماله والاحرام يتعلق إلزام مال فلا يصح من غير ذي ولاية كشراء شئ له، فأما غير الام والولي من الأقارب كالأخ والعم وابنه فيخرج فيهم وجهان بناء على القول في الام، أما الأجانب فلا يصح إحرامهم عنه وجها واحدا (الفصل الثاني) ان كل ما أمكنه فعله بنفسه لزمه فعله ولا ينوب غيره عنه فيه كالوقوف والمبيت بمزدلفة ونحوهما وما عجز عنه عمله الولي عنه، قال جابر خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجاجا ومعنا النساء والصبيان فأحرمنا عن الصبيان، رواه سعيد في سننه ورواه ابن ماجة في سننه فقال فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم، ورواه الترمذي قال فكنا نلبي عن النساء، ونرمي عن الصبيان، قال ابن المنذر كل من حفظت عنه من أهل العلم يرى المري عن الصبي الذي لا يقدر على الرمي كان ابن عمر يفعل ذلك، وبه قال عطاء والزهري ومالك والشافعي وإسحاق، وعن ابن عمر انه كان يحج صبيانه وهم صغار فمن استطاع منهم أن يرمي رمى ومن لم يستطع أن يرمي رمى عنه، وعن أبي إسحاق ان أبا بكر رضي الله عنه طاف بابن الزبير في خرقة، رواهما الأثرم، قال الإمام أحمد يرمي عن الصبي أبواه أو وليه، قال القاضي ان أمكنه أن يناول النائب الحصى ناوله وان لم يمكنه استحب أن يوضع الحصى في يده فيرمى عنه وان وضعها في يد الصغير ورمى بها فجعل يده كالآلة فحسن، ولا يجوز ان يرمي عنه الا من قد رمى عن نفسه لأنه لا يجوز أن ينوب عن الغير وعليه فرض نفسه، وأما الطواف فإنه ان أمكنه المشي مشى والا طيف به محمولا أو راكبا فإن أبا بكر طاف بابن الزبير في خرقة، ولان الطواف بالكبير محمولا لعذر يجوز فالصغير أولى، ولا فرق بين أن يكون الحامل له حلالا أو حراما ممن أسقط الفرض عن نفسه أو لم يسقطه
(٢٠٤)