فقضاه من الدرهم والدرهمين حتى يقضي ما عليه من الدين هل كان ذلك قاضيا دينه؟ قالوا نعم يا رسول الله قال " فالله أحق بالعفو والتجاوز منكم " ولأنه صوم لا يتعلق بزمان بعينه فلم يجب فيه التتابع كالنذر المطلق، وخبرهم لم يثبت صحته فإن أهل السنن لم يذكروه ولو صح حملناه على الاستحباب فإن المتتابع أحسن لما فيه من موافقة الخبر والخروج من الخلاف وشبهه بالأداء والله أعلم (مسألة) (قال ومن دخل في الصيام تطوع فخرج منه فلا قضاء عليه فإن قضاه فحسن) وجملة ذلك أن من دخل في صيام تطوع استحب له اتمامه ولم يجب فإن خرج منه فلا قضاء عليه روي عن ابن عمر وابن عباس أنهما أصبحا صائمين ثم أفطرا وقال ابن عمر لا بأس به ما لم يكن نذرا أو قضاء رمضان وقال ابن عباس إذا صام الرجل تطوعا ثم شاء ان يقطعه قطعه وإذا دخل في صلاة تطوعا ثم شاء أن يقطعها قطعها وقال ابن مسعود متى أصبحت تريد الصوم فأنت على آخر النظرين ان شئت صمت وان شئت أفطرت فهذا مذهب احمد والثوري والشافعي وإسحاق وقد روى حنبل عن أحمد إذا أجمع على الصيام فأوجبه على نفسه فأفطر من غير عذر أعاد يوما مكان ذلك اليوم وهذا محمول على أنه استحب ذلك أو نذره ليكون موافقا لسائر الروايات عنه وقال النخعي وأبو حنيفة ومالك يلزم في الشروع فيه ولا يخرج منه الا بعذر فإن خرج قضى وعن مالك لا قضاء عليه واحتج من أوجب القضاء بما روي عن عائشة أنها قالت أصبحت أنا وحفصة صائمتين متطوعتين فأهدي لنا حيس فأفطرنا ثم سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اقضيا يوما مكانه ولأنها عبادة تلزم بالنذر فلزمت بالشروع فيها كالحج والعمرة ولنا ما روى مسلم وأبو داود والنسائي عن عائشة قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال " هل عندكم شئ " فقلت لا قال " فاني صائم " ثم مر بعد ذلك اليوم وقد أهدي إلي حيس فخبأت له منه وكان يحب الحيس قلت يا رسول الله أنه أهدي لنا حيس فخبأت لك منه قال " أدنيه أما اني قد أصبحت وأنا صائم " فأكل منه ثم قال لنا " إنما مثل صوم التطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها " هذا لفظ رواية النسائي وهو أتم من غيره وروت أم هاني قالت دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتي بشراب فناولنيه فشربت منه ثم قلت يا رسول الله لقد أفطرت وكنت صائمة فقال لها " أكنت تقضين شيئا " قالت لا قال " فلا يضرك إن كان تطوعا " رواه
(٨٩)