الطيب ههنا كالذي يتطيب قبل احرامه قلنا لأن ذلك فعل مندوب إليه فكان له استدامته وههنا هو محرم وإنما سقط حكمه بالنسيان أو الجهل فإذا زال ظهر حكمه، وان تعذر عليه ازالته لاكراه أو علة ولم يجد من يزيله وما أشبه ذلك فلا فدية عليه، وجرى مجرى المكره على الطيب ابتداء، وحكم الجاهل إذا علم حكم الناسي إذا ذكر، وحكم المكره حكم الناسي فإذا ما عفي عنه بالنسيان عفي عنه بالاكراه لأنهما قرينان في الحديث الدال على العفو عنهما وقول الخرقي ينزع إلى التلبية أي يلبي حين ذكر استذكارا للحج أنه نسيه واستشعارا بإقامته عليه ورجوعه إليه وهذا قول يروي عن إبراهيم النخعي (مسألة) قال (ولو وقف بعرفة نهارا أو دفع قبل الإمام فعليه دم) وجملة ذلك أن من وقف بعرفة يوم عرفة نهارا وجب عليه الوقوف إلى غروب الشمس ليجمع بين الليل والنهار في الوقوف فإن دفع قبل الغروب ولم يعد حتى غربت الشمس فعليه دم، وقال الشافعي لا يجب ذلك، ولا دم عليه ان دفع قبل الغروب احتجاجا بحديث عروة بن مضرس ولأنه أدرك من الوقوف ما أجزأه أشبه ما لو أدرك الليل منفردا ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف حتى غربت الشمس بغير خلاف وقد قال " خذوا عني مناسككم " فإذا تركه لزمه دم لقول ابن عباس ولأنه ركن لم يأت به على الوجه المشروع فلزمه دم كما لو أحرم من دون الميقات، وحديثهم دل على الاجزاء والكلام في وجوب الدم فأما إذا وقف في الليل خاصة فإنه يجزئه ولا يلزمه دم لأن من أدرك الليل وحده لا يمكنه الوقوف نهارا فلا يتعين عليه ولا يجب عليه بتركه دم بخلاف من أدرك نهارا. وأما قوله: أو دفع قبل الإمام فظاهر أنه أوجب بذلك دما وان دفع قبل الغروب. وقد روى الأثرم عن أحمد قال: سمعته يسأل عن رجل دفع قبل الإمام من عرفة بعد ما غابت الشمس. فقال: ما وجدت أحدا سهل فيه كلهم يشدد فيه. قال: وما يعجبني أن يدفع الا مع الإمام، وعن عطاء عليه شاة إذا دفع قبل الإمام. قيل فيدفع من مزدلفة قبل الإمام؟ فقال
(٥٢٩)