عرفة الا خمس ليال أمرنا أن نحل إلى نسائنا فنأتي عرفة تقطر مذاكيرنا المني قال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " قد علمتم اني اتقاكم الله وأصدقكم وأبركم ولولا هديي لحللت كما تحلون فحلوا ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت " قال فحللنا وسمعنا وأطعنا قال فقال سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي متعتنا هذه يا رسول الله لعامنا هذا أم للأبد؟ فظنه محمد بن بكر أنه قال " للأبد " متفق عليه، فأما حديثهم فقال احمد روى هذا الحديث الحراث بن بلال فمن الحراث بن بلال؟ يعني انه مجهول ولم يروه الا الدراوردي وحديث أبي ذر رواه مرقع الأسدي فمن مرقع الأسدي؟ شاعر من أهل الكوفة ولم يلق أبا ذر فقيل له أفليس قد روى الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال كانت متعة الحج لنا خاصة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أفيقول بهذا أحد؟ المتعة في كتاب الله وقد أجمع الناس على أنها جائزة، قال الجوزجاني مرقع الأسدي ليس بمشهور ومثل هذه الأحاديث في ضعفها وجهالة رواتها لا تقبل إذا انفردت فكيف تقبل في رد حكم ثابت بالتواتر مع أن قول أبي ذر من رأيه وقد خالفه من هو أعلم منه وقد شذ به عن الصحابة رضي الله عنهم فلا يلتفت إلى هذا، وقد اختلف لفظه ففي أصح الطريقين عنه قوله مخالف لكتاب الله تعالى وقول رسول الله واجماع المسلمين وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابتة الصحيحة فلا يحل الاحتجاج به، وأما قياسهم في مقابلة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يقبل على أن قياس الحج على العمرة في هذا لا يصح فإنه يجوز قلب الحج إلى العمرة في حق من فاته الحج ومن حصر من عرفة، والعمرة لا تصير حجا بحال، ولان فسخ الحج إلى العمرة يصير به متمتعا فتحصل الفضيلة وفسخ العمرة إلى الحج يفوت الفضيلة ولا يلزم من مشروعية ما يحصل الفضيلة مشروعية تفويتها.
(فصل) وإذا فسخ الحج إلى العمرة صار متمتعا حكمه حكم المتمتعين في وجوب الدم وغيره قال القاضي لا يجب الدم لأن من شرط وجوبه أن ينوي في ابتداء العمرة أو في أثنائها أنه متمتع وهذه دعوى لا دليل عليها تخالف عموم الكتاب وصريح السنة الثابتة، فإن الله تعالى قال (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي) وفي حديث ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال " من لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحل ثم ليهل بالحج وليهدو من لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله " متفق عليه ولان وجوب الدم في المتعة للترفه بسقوط أحد السفرين وهذا المعنى لا يختلف بالنية وعدمها فوجب أن لا يختلف وجوب الدم على أنه لو ثبت أن النية شرط فقد وجدت فإنه ما حل حتى نوى أنه يحل ثم يحرم بالحج