(فصل) ويجزئ البر والشعير والزبيب في الفدية لأن كل موضع أجزأ فيه التمر أجزأ فيه ذلك كالفطرة وكفارة اليمين. وقد روى أبو داود في حديث كعب بن عجرة قال: فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي " احلق رأسك وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين فرقا من زبيب أو انسك شاة " رواه أبو داود ولا يجزئ من هذه الأصناف أقل من ثلاثة آصع الا البر ففيه روايتان (إحداهما) مد من بر لكل مسكين مكان نصف صاع من غيره كما في كفارة اليمين (والثانية) لا يجزئ الا نصف صاع لأن الحكم ثبت فيه بطريق التنبيه أو القياس، والفرع يماثل أصله ولا يخالفه وبهذا قال مالك والشافعي (فصل) وإذا حلق ثم حلق فالواجب فدية واحدة ما لم يكفر عن الأول قبل فعل الثاني فإن كفر عن الأول ثم حلق ثانيا فعليه للثاني كفارة أيضا. وكذلك الحكم فيما إذا لبس ثم لبس أو تطيب ثم تطيب أو كرر من محظورات الاحرام اللاتي لا يزيد الواجب فيها بزيادتها ولا يتقدر بقدرها، فأما ما يتقدر الواجب بقدره وهو اتلاف الصيد ففي كل واحد منها جزاؤه، وسواء فعله مجتمعا أو متفرقا ولا تداخل فيه ففعل المحظورات متفرقا كفعلها مجتمعة في الفدية ما لم يكفر عن الأول قبل فعل الثاني وعن أحمد انه ان كرره لأسباب مثل ان لبس للبرد ثم لبس للحر ثم لبس للمرض فكفارات. وإن كان لسبب واحد فكفارة واحدة. وقد روى عنه الأثرم فيمن لبس قميصا وجبة وعمامة وغير ذلك لعلة واحدة قلت له فإن اعتل فلبس جبة ثم برأ ثم اعتل فلبس جبة فقال هذا الآن عليه كفارتان وعن الشافعي كقولنا وعنه لا يتداخل، وقال مالك تتداخل كفارة الوطئ دون غيره، وقال أبو حنيفة:
ان كرره في مجلس واحد فكفارة واحدة، وإن كان في مجالس فكفارات لأن حكم المجلس الواحد حكم الفعل الواحد بخلاف غيره ولنا أن ما يتداخل إذا كان بعضه عقيب بعض يجب أن يتداخل، وان تفرق كالحدود وكفارة الايمان، ولان الله تعالى أوجب في حلق الرأس فدية واحدة ولم يفرق بين ما وقع في دفعة أو في دفعات، والقول بأنه لا يتداخل غير صحيح فإنه إذا حلق رأسه لا يمكن الا شيئا بعد شئ