مسند إسحاق بن راهويه وقال أخرجه البخاري عن إسحاق (قوله أخبرنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي) هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (قوله والذي نفسي بيده) فيه الحلف في الخبر مبالغة في تأكيده (قوله ليوشكن) بكسر المعجمة أي ليقربن أي لا بد من ذلك سريعا (قوله أن ينزل فيكم) أي في هذه الأمة فإنه خطاب لبعض الأمة ممن لا يدرك نزوله (قوله حكما) أي حاكما والمعنى أنه ينزل حاكما بهذه الشريعة فان هذه الشريعة باقية لا تنسخ بل يكون عيسى حاكما من حكام هذه الأمة وفي رواية الليث عن ابن شهاب عند مسلم حكما مقسطا وله من طريق ابن عيينة عن ابن شهاب إماما مقسطا والمقسط العادل بخلاف القاسط فهو الجائر ولأحمد من وجه آخر عن أبي هريرة اقرؤه من رسول الله السلام وعند أحمد من حديث عائشة ويمكث عيسى في الأرض أربعين سنة وللطبراني من حديث عبد الله بن مغفل ينزل عيسى بن مريم مصدقا بمحمد على ملته (قوله فيكسر الصليب ويقتل الخنزير) أي يبطل دين النصرانية بأن يكسر الصليب حقيقة ويبطل ما تزعمه النصارى من تعظيمه ويستفاد منه تحريم اقتناء الخنزير وتحريم أكله وأنه نجس لان الشئ المنتفع به لا يشرع اتلافه وقد تقدم ذكر شئ من ذلك في أواخر البيوع ووقع للطبراني في الأوسط من طريق أبي صالح عن أبي هريرة فيكسر الصليب ويقتل الخنزير والقرد زاد فيه القرد واسناده لا بأس به وعلى هذا فلا يصح الاستدلال به على نجاسة عين الخنزير لان القرد ليس بنجس العين اتفاقا ويستفاد منه أيضا تغيير المنكرات وكسر آلة الباطل ووقع في رواية عطاء بن ميناء عن أبي هريرة عند مسلم ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد (قوله ويضع الحرب) في رواية الكشميهني الجزية والمعنى ان الدين يصير واحدا فلا يبقى أحد من أهل الذمة يؤدي الجزية وقيل معناه ان المال يكثر حتى لا يبقى من يمكن صرف مال الجزية له فتترك الجزية استغناء عنها وقال عياض يحتمل أن يكون المراد بوضع الجزية تقريرها على الكفار من غير محاباة ويكون كثرة المال بسبب ذلك وتعقبه النووي وقال الصواب ان عيسى لا يقبل الا الاسلام (قلت) ويؤيده أن عند أحمد من وجه آخر عن أبي هريرة وتكون الدعوى واحدة قال النووي ومعنى وضع عيسى الجزية مع أنها مشروعة في هذه الشريعة أن مشروعيتها مقيدة بنزول عيسى لما دل عليه هذا الخبر وليس عيسى بناسخ لحكم الجزية بل نبينا صلى الله عليه وسلم هو المبين للنسخ بقوله هذا قال ابن بطال وانما قبلناها قبل نزول عيسى للحاجة إلى المال بخلاف زمن عيسى فإنه لا يحتاج فيه إلى المال فان المال في زمنه يكثر حتى لا يقبله أحد ويحتمل أن يقال إن مشروعية قبولها من اليهود والنصارى لما في أيديهم من شبهة الكتاب وتعلقهم بشرع قديم بزعمهم فإذا نزل عيسى عليه السلام زالت الشبهة بحصول معاينته فيصيرون كعبدة الأوثان في انقطاع حجتهم وانكشاف أمرهم فناسب أن يعاملوا معاملتهم في عدم قبول الجزية منهم هكذا ذكره بعض مشايخنا احتمالا والله أعلم (قوله ويفيض المال) بفتح أوله وكسر الفاء وبالضاد المعجمة أي يكثر وفي رواية عطاء بن ميناء المذكورة وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد وسبب كثرته نزول البركات وتوالي الخيرات بسبب العدل وعدم الظلم وحينئذ تخرج الأرض كنوزها وتقل الرغبات في اقتناء المال لعلمهم بقرب الساعة (قوله حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها) أي أنهم حينئذ لا يتقربون إلى الله
(٣٥٦)