والشرط المذكور لكن أصل العبارة في التتارخانية فالوقف جائز مع هذا الشرط اه. هذا يحتمل أن يكون المراد جواز الوقف مقترنا بهذا الشرط ولا يلزم منه صحة هذا الشرط تأمل قوله (الظاهر لا) هذا خلاف ما استظهره في البحر حيث قال وظاهره أنه يجبر على عمارتها وقياسه أن الموقوف عليه السكنى كذلك اه. واستوضح في النهر لما استظهره بقول الهداية فيما مر ولا يجبر الممتنع على العمارة لما فيه من إتلاف ماله فأشبه امتناع صاحب البذر في المزارعة ولا يكون امتناعه منه رضا ببطلان حقه لأنه في حيز التردد اه. قال في النهر وأنت خبير بأن هذا بإطلاقه يشمل ما لو شرط عليه الواقف المرمة لأنها حيث كانت عليه كان في إجباره إتلاف ماله اه.
واعترض بأن الجبر فائدة صحة الشرط وإلا فلا ثمرة له.
قلت: علمت أن صحة الشرط صريحة في عبارة التتارخانية وتعليل الهداية شامل للشرط وغيره فهو دليل على عدم صحته فافهم على أن هذا الشرط لا ثمرة له لأن الغلة حيث كانت للموقوف عليه فلا فرق تعميره منها أو من غيرها فإذا امتنع عن العمارة من ماله يؤجرها المتولي ويعمرها من غلتها لأنها موقوفة للغلة، ولو كان هو المتولي وامتنع من عمارتها ينصب غيره ليعمرها أو يعمرها الحاكم كما مر نعم قد تظهر الثمرة فيما إذا كانت غلتها لا تفي بعمارتها فإن قلنا بصحة الشرط لزمه أن يعمرها من ماله وهو بعيد لما علمته من كلام الهداية ولأن كلام الواقف لا يصلح ملزما له بتعميرها إذ لا ولاية له على المستحق قوله: (لم أره) قال في الفتح بعد هذا والحال فيها يؤدي إلى أن تصير نقصا على الأرض كرماد تسفوه الرياح اه. أي لو تركت بلا عمارة تصير هكذا قوله: (أو يردها لورثة الواقف) قال في البحر وهو عجيب لأنهم صرحوا باستبدال الوقف إذا خرب وصار لا ينتفع به وهو شامل للأرض والدار قال في الذخيرة وفي المنتقى قال هشام سمعت محمدا يقول الوقف إذا صار بحيث لا ينتفع به المساكين فللقاضي أن يبيعه ويشتري بثمنه غيره وليس ذلك إلا للقاضي اه. وأما عود الوقف بعد خرابه إلى ملك الواقف أو ورثته فقد قدمنا ضعفه.
فالحاصل: أن الموقوف عليه السكنى إذا امتنع من العمارة ولم يوجد مستأجر باعها القاضي واشترى بثمنها ما يكون وقفا لكن الظاهر كلام المشايخ أن محل الاستبدال عند التعذر إنما هو الأرض لا البيت وقد حققناه في رسالة الاستبدال اه. كلام البحر واعترضه الرملي بأن كلام المنتقى المذكور شامل للأرض والبيت فالفرق بينهما غير صحيح قوله: (فلو هو الوارث لم أره) قيل هذا عجيب من الشارح بعدما رأى كلام البحر خصوصا وقد أقره في النهر من أن الحكم هو الاستبدال فقط وهو لا يختلق بالوارث وغيره وبه ظهر ضعف ما في فتاوى قارئ الهداية اه.
قلت: بل هو عجيب من المعترض بعد قول البحر لكن ظاهر كلام المشايخ الخ نعم يرد عليه ما قاله الرملي وكذا ما قدمنا عن الفتح عند قوله وعاد إلى الملك عند محمد من أن دار الغلة إذا خربت إنما يعود إلى الملك عنده نقضها دون ساحتها لأن ساحتها يمكن استغلالها ولو بشئ قليل بخلاف غير المعد للغلة كرباط أو حوض خرب فهذا يعود إلى الملك كله عند محمد.