الفصولين لو عمل المتولي في الوقف بأجر جاز ويفتي بعدمه إذ لا يصلح مؤجرا ومستأجرا وصح لو أمره الحاكم أن يعمل فيه اه. وعليه كما في القنية إذا عمل القيم في عمارة المسجد والوقف كعمل الأجير لا يستحق أجرا محمول على ما إذا كان بلا أمر الحاكم والظاهر أن الناظر غير قيد بل كل من عمل في التعمير من المستحقين له أجرة عمله وإنما نصوا على الناظر لأنه لا يصلح مؤجرا ومستأجرا أو مستأجرا لنفسه فإذا كان بأمر الحاكم كان الحاكم هو المستأجر له بخلاف غيره من المستحقين فإن المستأجر له هو الناظر فلا شبهة في استحقاقه الأجرة كالأجنبي.
وحيث حملنا كلام الفتح على ما قلنا صار حاصله أن من في قطعه ضرر بين لا يقطع زمن التعمير أي بل يبقى على ما شرط له الواقف وأما غيره فيقطع ولا يعطى شيئا أصلا وإن عمل في وظيفته نعم يعطي لكل أجرة عمله إذا عمل في العمارة ولو هو الناظر لكن لو بأمر الحاكم وبهذا التقرير سقط ما قدمناه عن النهر في الرد على الأشباه إذ لا أجرة على العمل في غير التعمير ثم الظاهر أن المراد بالمشروط ما يكفيه لأن المشروط له من الواقف لو كان دون كفايته وكان لا يقوم بعمله إلا بها يزاد عليه ويؤيده ما سيأتي في فروع الفصل الأول أن للقاضي الزيادة على معلوم الإمام إذا كان لا يكفيه وكذا الخطيب.
قلت: بل الظاهر أن كل من في قطعه ضرر بين فهو كذلك لأنه في حكم العمارة فهو مثل ما لو زادت أجرة الأجيرة في التعمير وأما لو كان المشروط له أكثر من قدر الكفاية فلا يعطى إلا الكفاية في زمن التعمير لأنه لا ضرورة إلى دفع الزائد المؤدي إلى قطع غيره فيصرف الزائد إلى من يليه من المستحقين وعلى هذا يحصل التوفيق بين ما مر عن الحاوي من أنهم يعطون بقدر كفايتهم وبين ما استفيد من الفتح من أنهم يعطون المشروط.
والحاصل مما تقرر وتحرر أنه يبدأ بالتعمير الضروري حتى لو استغرق جميع الغلة صرفت كلها إليه ولا يعطى أحد ولو إماما أو مؤذنا فإن فضل عن التعمير شئ يعطى ما كان أقرب إليه مما في قطعه ضرر بين وكذا لو كان التعمير غير ضروري بأن كان لا يؤدي تركه إلى خراب العين لو أخر إلى غلة السنة القابلة فيقدم الأهم فالأهم ثم من لا يقطع يعطي المشروط له إذا كان قدر كفايته وإلا يزاد أو ينقص ومن لم يكن في قطعه ضرر بين قدمت العمارة عليه وإن أمكن تأخيرها إلى غلة العام القابل كما هو مقتضى إطلاق المتون ولا يعطى شيئا أصلا وإن باشر وظيفته ما دام الوقف محتاجا إلى التعمير وكل من عمل المستحقين في العمارة فله أجرة عمله لا المشروط ولا قدر الكفاية فهذا غاية ما ظهر لي في تحرير هذا المقام الذي زلت فيه أقدام الأفهام قوله: (وأما الناظر والكاتب الخ) قد علمت ما في هذا الكلام وما ادعاه في النهر أنه الحق مخلفا لما في الأشباه بما حررناه آنفا قوله: (ضمن) هذا إذا كان في تأخير التعمير خراب عين الوقف وإلا فيجوز الصرف للمستحقين وتأخير العمارة للغلة الثانية إذا لم يخف ضرر بين فإن خيف قدم كما في الزواهر عن البحر در منتقى قوله (الظاهر لا) قياسا على مودع الابن إذا أنفق على الأبوين بلا إذنه ولا إذن القاضي فإنه يضمن بلا رجوع عليهما لأنه بالضمان تبين أنه دفع مال نفسه وأنه متبرع بحر وفيه