وقع النزاع فيها فقط بأن ادعى عبده تعليق عتقه على وقفه أرضه فأنكر المولى صحة الوقف لكونه علقه بشرط مثلا فأثبت العبد أنه علقه بكائن فحكم الحاكم بصحته فهو صحيح ولا يستلزم اللزوم لأنه ليس محل النزاع هذا ما يظهر للفكر الفاتر فتدبره قوله: (لأنه مجتهد فيه) أي أنه يسوغ فيه الاجتهاد والاختلاف بين الأئمة فيكون الحكم فيه رافعا للخلاف كما قلنا وهذا تعليل لزوال الملك ولزومه عند الإمام القائل بعدم ذلك فافهم قوله: (وصورته) أي صورة قضاء القاضي بلزومه قوله: (إن يسلمه) أي يسلم الواقف وقفه بعد أن نصب له متوليا قوله: (ثم يظهر الرجوع) أي يدعي عند القاضي أنه رجع عن وقفه ويطلب رده إليه لعدم لزومه ويمتنع المتولي من رده إليه فيحكم القاضي بلزومه فيلزم عند الإمام أيضا لارتفاع الخلاف بالقضاء قوله لا المحكم) فإن الصحيح أن بحكمه لا يرتفع الخلاف وللقاضي أن يبطله بحر عن الخانية ومثله في الإسعاف خلافا لما صححه في الجوهرة.
تنبيه: قال في الإسعاف: ولو كان الواقف مجتهدا يرى لزوم الوقف فأمضى رأيه فيه وعزم على زوال ملكه عنه أو مقلدا فسأل فأفتى بالجواز فقبله وعزم على ذلك لزم الوقف ولا يصح الرجوع فيه وإن تبدل رأي المجتهد وأفتى المقلد بعدم اللزوم بعد ذلك اه فهذا مما يزاد على ما يلزم به الوقف لكن قال في النهر بعد نقله له الظاهر ضعفه اه أي لمخالفته لقول المتون يزول بقضاء القاضي وأيضا فإن العبرة لرأي الحاكم فإذا رفع إليه حكم يحكم فيه برأيه لا برأي الخصم والظاهر أن ما في الإسعاف صحيح بالنسبة إلى الديانة لأن المجتهد إذا تغير رأيه لا ينقض ما أمضاه أولا وكذا المقلد في حادثة ليس له الرجوع فيها بتقليده مجتهدا آخر أما لو رفعت حادثة ذلك المجتهد أو المقلد إلى حاكم آخر فإنه يحكم برأي نفسه كما قلنا ولذا قال ولا يصح الرجوع فيه ولم يقل ولا يصح الحكم بخلافه فاغتنم هذا التحرير قوله (وسيجئ) أي في أول الفصل الآتي قوله (إن البينة تقبل بلا دعوى) أي في الوقف لأن حكمه هو التصدق بالغلة وهو حق الله تعالى وفي حقوق الله تعالى يصح القضاء بالشهادة من غير دعوى بحر عن المحيط وأشار بهذا إلى أن ما مر من تصويره بالدعوى غير لاك لكن قال الخير الرملي والكلام في الحكم الرافع للخلاف لا الحكم بثبوت أصله فإنه غير محتاج إلى الدعوى عند البعض وأما الحكم باللزوم عند دعوى عدمه فلا يرفع الخلاف إلا بعد تمام الدعوى فيه ليصير في حادثة إذ المتنازع فيه حينئذ اللزوم وعدمه فيرفع الخلاف قوله قضاء على الكافة الخ) أي لا على المقضي عليه فقط كما في دعوى الملك فإنه لو ادعى على ذي اليد أن هذا ملكه وحكم به القاضي تسمع دعوى رجل آخر على المدعي بأنه ملكه بخلاف ما إذا حكم لإنسان بالحرية ولو عارضة أو بنكاح امرأة أو بنسب أو بولاء عتاقة فإنه لا يسمع دعوى آخر عليه فإنه في هذه الأربعة قضاء على كافة الناس كما أفاده في البحر وسيجئ في باب الاستحقاق قوله ورجحه المصنف) حيث قال وينبغي أنه يفتى به ويعول عليه لما فيه من صون الوقف عن التعرض إليه بالحيل والتلابيس أبي والدعاوى المفتعلة