الكافر. وأما الضمان فلا شك في انتفائه عن المسلم، وهل يضمن الكافر حصته منها؟ الظاهر نعم.
قلت: وفي كافي الحاكم: لو شهد رجلان على رجلين بسرقة وأحد السارقين غائب قطع الحاضر، فإن جاء الغائب لم يقطع حتى تعاد عليه تلك البينة أو غيرها فيقطع اه. فلينظر الفرق بين المسألتين، ولعل وجهه أن الكافر ليس أهلا للشهادة على المسلم، بخلاف شهادة المسلم على الغائب فإن المانع من قبولها الغيبة لا عدم الأهلية. قوله: (تشارك جمع) أي في دخول الحرز بقرينة قوله: وإن أخذ المال بعضهم. قال في الفتح: وإنما وضعها في دخول الكل، لأنه لو دخل بعضهم لكنهم اشتركوا بعد ذلك في فعل السرقة لا يقطع إلا الداخل إن عرف بعينه، وإن لم يعرف عزروا كلهم وأبد حبسهم إلى أن تظهر توبتهم اه. وقيد بقوله: وأصاب كلا نصاب لأنه لو أصابه أقل لم يقطع، بل يضمن ما أصابه من ذلك. جوهرة. قوله: (استحسانا) والقياس أن يقطع الحامل وحده وهو قول زفر والأئمة الثلاثة. فتح. قوله: (أو محرم) أي ذو رحم محرم من المسروق منه. بحر. قوله: (لم يقطع أحد) أطلقه فشمل ما إذا تولى الاخذ الكبار العقلاء، خلافا لأبي يوسف، كما في الزيلعي. قوله: (لا قطع) هذا قول أبي حنيفة الأول، وقوله الأخير: يقطع كما يأتي قريبا، وبه صرح في التتارخانية وغيرها. قوله: (سوى رجم) في بعض النسخ سوى جلد وهي الصواب، وإن كان الأول هو الذي في الفتح والبحر والنهر نقلا عن كافي الحاكم، فقد رده في الشرنبلالية بأنه مخالف لما قدموه في حد الزنا بالرجم من أنه إذا غاب الشهود أو ما توا سقط الحد فيتجه استثناء الجلد فإنه يقام حال الغيبة والموت، بخلاف الرجل اشتراط بداءة الشهود به.
وعبارة كافي الحاكم في الحدود مصرحة بذلك، وكذلك عبارته في السرقة، ونصها: وإذا كان: أي المسروق منه حاضرا والشاهدان غائبان لم يقطع أيضا حتى يحضروا. وقال أبو حنيفة بعد ذلك: يقطع، وهو قول صاحبيه، وكذلك الموت، وكذلك هذا في كل حد وحق سوى الرجم، ويمضي القصاص وإن لم يحضروا استحسانا لأنه من حقوق الناس اه. فهذا تصريح الحكم في الحدود والسرقة بما قلنا، فليتنبه له اه.
قلت: والظاهر أن نسخة الكافي التي وقعت لصاحب الفتح سقط منها قوله: وقال أبو حنيفة إلى قوله: وكذلك الموت فوقع الخلل في اشتراط حضور الشاهدين وفي استثناء الرجم، لان الاستثناء وقع من القول الأخير الذي رجع إليه الامام فكان العمل عليه، لان ما رجع عنه المجتهد بمنزلة المنسوخ، ولذا صرح في شرح الوهبانية بتصحيح قوله الأخير، فجزى الله تعالى الشرنبلالي