ذلك ففي مال الجاني، ذهب إليه الزهري، وقال في القديم على قولين: أحدهما تحمل الدية فأما دونها ففي مال الجاني، والثاني تحمل ما قل وكثر وهو قوله في الجديد.
دليلنا: عموم الأخبار التي وردت في أن الدية على العاقلة ولم يفصلوا، وإذا قلنا بالرواية الأخرى فالرجوع في ذلك إلى تلك الرواية، وقد أوردناها.
وروى المغيرة بن شعبة أن امرأتين ضرتين اقتتلتا فضربت إحديهما الأخرى بحجر أو مسطح فألقت جنينا ميتا، فقضى رسول الله صلى الله عليه وآله بدية الجنين على عصبة المرأة - يعني القاتلة - وهذا أقل من الثلث، وقصة المجهضة تدل على ذلك أيضا سواء.
مسألة 107: إذا جنى الرجل على نفسه جناية خطأ محض كان هدرا لا يلزم العاقلة ديته، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والشافعي وربيعة ومالك والثوري.
وقال قوم: إن الدية على عاقلته له إن كان حيا وقد قطع يد نفسه، ولورثته إن كان ميتا، ذهب إليه الأوزاعي وأحمد وإسحاق.
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، ولا دليل على أن هؤلاء يلزمهم بهذه الجناية شئ.
وأيضا روي أن عوف بن مالك الأشجعي ضرب مشركا بالسيف فرجع السيف إليه فقتله فامتنع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله من الصلاة عليه، وقالوا: بطل جهاده مع رسول الله، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وآله فقال:
مات مجاهدا مات شهيدا، فالظاهر عن هذا جميع حكمه، ولو كانت الدية على عاقلته لبين ذلك، وأوضحه لأنه وقت الحاجة.
مسألة 108: الدية في قتل الخطأ تجب ابتداء على العاقلة، وفي أصحابنا من قال: ترجع العاقلة على القاتل بها، ولا أعرف به نصا، وللشافعي فيه قولان: