فأقبل هو وأخوه حويصة - وهو أكبر منه - وعبد الرحمان بن سهل أخو المقتول إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأقبل محيصة يتكلم وهو الذي كان بخيبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لمحيصة: أسرك؟ - يريد بذلك السن - فتكلم حويصة ثم تكلم محيصة بعده فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إما أن يدرأ صاحبكم وإما أن يأذنوا بحرب من الله، فكتب رسول الله صلى الله عليه وآله إليهم في ذلك، فكتبوا إليه إنا والله ما قتلناه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لحويصة ومحيصة وعبد الرحمان بن سهل: تحلفون وتستحقون دم صاحبكم، قالوا: لا، قال: فيحلف يهودا، فقالوا: ليسوا بمسلمين، فوداه النبي من عنده فبعث إليهم بمائة ناقة حمراء حتى إذا دخلت عليهم الدار، قال سهل: لقد ركضني منها ناقة حمراء، وروى سفيان والليث بن سعد وحماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي خثيمة فذكر نحو حديث أبي ليلى بن عبد الرحمان، وفيه تحلفون وتستحقون دم صاحبكم أو قاتلكم، قالوا: أمر لم نشاهده فكيف نحلف؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: أفتبرئكم يهود بخمسين يمينا؟ قالوا:
كيف نرضى أيمان قوم كفار؟ فوداه النبي صلى الله عليه وآله من عنده.
ولنا من حديث الشافعي ثلاثة أدلة:
أحدها: أنه صلى الله عليه وآله ابتدأ فخاطب المدعي باليمين فثبت أن اليمين عليهم ابتداء.
والثاني: قال " تحلفون وتستحقون " فأثبت الاستحقاق لهم بالأيمان منهم، وعند أبي حنيفة يحلفون لا يحلفون ولا يستحقون بأيمانهم شيئا.
والثالث: أنه نقلها إلى اليهود لما لم يحلف المدعون، وعند أبي حنيفة ليس في الإيمان نقل بحال، وهذه الأدلة الثلاثة من حديث سفيان.
ودلالة رابعة: وهو قوله أفتبرئكم يهود بخمسين يمينا، وعند أبي حنيفة إذا حلفت اليهود لزمها الضمان والنبي صلى الله عليه وآله أبرأهم باليمين.
قال الطحاوي: يجب على المدعى عليه في القسامة شيئان: اليمين والدية