فإن كان استحق بيمين الرد غير ما كان يستحقه بيمين الابتداء، وهو القسامة عند قوم، يستحق بها الدية، فإن ردت إليه استحق القود بها، فإذا كان الاستحقاق بها غير ما كان يستحقه بيمين الابتداء وجب أن يرد عليه.
وإن كان ما يستحقه بيمين الرد هو الذي يستحقه بيمين الابتداء مثل القسامة يستحق عندنا بها القود إذا حلف ابتداء، وإذا ردت عليه استحق القود أيضا، وهكذا في الأموال إن حلف مع شاهده استحق المال، وإن حلف يمين الرد استحق المال أيضا فهل يرد عليه اليمين أم لا؟
قال قوم: لا يرد لأن اليمين إذا كانت في جنبة أحد المتداعيين فإذا بذلها لخصمه لم ترد عليه إذا كان استحقاقه بها هو الذي استحقه بيمين الابتداء، كيمين المدعى عليه ابتداء إذا لم يحلف ردت على المدعي، فإن لم يحلف لم يرد على المدعى عليه بعد أن زالت عنه، ولأن يمينه حجته فإذا قعد عنها فقد أبطلها فلا يسمع منه ثانيا، كما لو ادعى حقا وأقام شاهدين ثم قال: هما فاسقان لم يقبلا بعد هذا.
وقال آخرون: - وهو الصحيح عندنا - أنها ترد عليه لأمور ثلاثة: أحدهما يمين الابتداء قامت في جنبته بسبب وهو قوة جنبته بالشاهد أو اللوث وسبب الثانية غير سبب الأولى لأنه يستحقها لنكول خصمه، فإذا كانت كل واحدة تصير في جنبته لسبب غير سبب الأخرى، فإذا قعد عن أحدهما لم يكن تركا لهما.
كما لو قال: من جاء بعبدي فله دينار، ومن جاء بجاريتي فله دينار فجاء رجل بالعبد وأبرأه من الدينار ثم مضى فجاء بالجارية لم يسقط الدينار، لأنه يستحق الثاني بسبب غير سبب الأول فإذا سقط الأول لم يكن إسقاطا للثاني، وهكذا إذا اشترى عبدا فأصاب به عيبا كان له رده، فإن رضي سقط رده، فإن أصاب به عيبا ثانيا كان له رده به، ولم يكن رضاه بالأول رضا منه بالثاني، ويفارق هذا يمين المدعى عليه ابتداء لأنها لو ردت إليه عادت بالسبب الذي كانت في جنبته ابتداء، وهو كونه مدعى عليه، والأصل براءة ذمته، فلهذا لم