على العبد القود ولم يفصلوا.
والوجه في ذلك أنه إن كان العبد مميزا عاقلا يعلم أن ما أمره به معصية فإن القود على العبد، وإن كان صغيرا أو كبيرا لا يميز، ويعتقد أن جميع ما يأمره سيده به واجب عليه فعله كان القود على السيد، والأقوى في نفسي أن نقول: إن كان العبد عالما بأنه لا يستحق القتل أو متمكنا من العلم به فعليه القود وإن كان صغيرا أو مجنونا فإنه يسقط القود ويجب فيه الدية.
وقال الشافعي: إن كان العبد صغيرا لا يعقل ويعتقد أن كلما يأمره به سيده فعليه فعله أو كان كبيرا أعجميا جاهلا يعتقد طاعة مولاه واجبة وحتما في كل ما يأمره، ولا يعلم أنه لا طاعة في معصية الله تعالى، فعلى السيد القود لأن العبد ينصرف عن رأيه فكان كالآلة بمنزلة السكين والسيف، فعلى السيد القود وحده.
وإن كان هذا العبد بهذه الصفة مملوكا لغيره ويعتقد أن أمر هذا الأمير طاعة في كل ما يأمره به فالحكم فيه كالحكم في عبد نفسه، وإن أمره بقتله فقال:
اقتلني، فقتله، هدر دمه لأنه كالآلة له في قتل نفسه، وإن قال له: أقتل نفسك أيها العبد، فقتل العبد نفسه وكان كبيرا لا ضمان على الآمر، وإن كان صغيرا لا يعقل أو كان مجنونا فقال له: أقتل نفسك، فقتلها كان على الآمر الضمان.
وإن كان المأمور حرا صغيرا لا يعقل أو كبيرا جاهلا وأمره بقتله فالقود على الآمر لأنه كالآلة، وإن قال له: أقتل نفسك، فإن كان كبيرا فلا شئ على الآمر، وإن كان صغيرا لا يميز فعلى الآمر القود فإن كان المأمور عاقلا مميزا إما بالغا أو صبيا مراهقا فأمره بقتل رجل فقتله فالحكم متعلق بالمأمور ويسقط الآمر وحكمه معا، وقد ذكرت الكلام في الجمع بين الأخبار، وسنبين ما يتعلق بهذه المسألة إن شاء الله تعالى.
وجملة القول في هذه المسائل أن المأمور إذا كان عاقلا مميزا فالضمان عليه، وإن لم يكن عاقلا ولا مميزا إما لصغر أو جنون فالضمان على الآمر.