فإذا وضعته فعليها أن ترضعه اللبأ الذي لا يقوم بدنه إلا به، لأنه يقال المولود به يعيش، فإذا شرب اللبأ، فإن كان هناك امرأة راتبة ترضعه بأجرة أو غير أجرة قتلت لأن له من يعيش به، وإن لم يكن هناك من ترضعه ولم توجد بهيمة ولا إنسان لم يجز قتلها.
وأما إن وجد بهيمة يشرب لبنها أو امرأة مترددة غير راتبة أو نساء كذلك بهذه الصورة، فالمستحب لولي الدم التأني والصبر حتى يستقل بنفسه عن اللبن، لأن عليه في اختلاف الألبان مشقة، فإن لم يفعل وأبي إلا اختيار القصاص كان له ذلك، لأن لهذا الطفل ما يعيش به ويستقل، هذا إذا ثبت أنها حامل بقول القوابل أو باعتراف ولي الدم.
فأما إن ادعت أنها حامل وأنكر الولي ولم يكن هناك قوابل، قال قوم: لا يؤخذ بقولها حتى يشهد أربع قوابل عدول بذلك، ومنهم من قال: يؤخر ذلك حتى يتبين أمرها، والأول أقوى، والثاني أحوط.
إذا حكم الحاكم بقتل الحامل قصاصا فقتلها الولي ففيها ثلاث فصول: في الإثم، والضمان، ومن عليه الضمان:
أما المأثم فإن كانا عالمين بأنها حامل أثما معا بقتل الجنين، الحاكم بتمكينه والولي بالمباشرة، وإن كانا جاهلين فلا إثم عليهما، وإن كان أحدهما عالما والآخر جاهلا، فالعالم مأثوم والآخر معذور.
فأما الكلام في الضمان، فإن الحامل غير مضمونة لأن قتلها مستحق، وأما الجنين فينظر فيه، فإن لم تلقه فلا ضمان عندهم، لأنه لا يقطع بوجوده فلا يضمن بالشك، وإن ألقت الحمل نظرت: فإن ألقته ميتا ففيه الغرة والكفارة، - والغرة رقبة جيدة قيمتها عشر دية أمه أو نصف عشر دية أبيه عند قوم، وعندنا عشر دية أمه - وإن ألقته حيا ضمنا من قتلها فمات، ففيه دية كاملة والكفارة.
فإذا ثبت أنه مضمون فالضمان على من؟ لا يخلو من أربعة أحوال: إما أن يكونا عالمين، أو الحاكم عالما والولي جاهلا، أو يكون الولي عالما والحاكم