كان وجود العفو وعدمه سواء إذا قتله قصاصا، ولا ضمان على أحد بقتله، ومنهم من قال: على الوكيل الكفارة، ومن قال: عفوه صحيح، قال: قتل نفسا محقونة الدم غير أنه لا قود عليه، لأنه قتل بسبب سائغ غير مفرط فيه، كالقاتل بتأويل سائغ جائز لا قود عليه، غير أن عليه الدية، لأن عفوه قد صح.
فإذا ثبت أن عليه الدية فإنها دية مغلظة يجب في ذمته عند قوم، وقال آخرون: مؤجلة على العاقلة، لأنه إنما قتله معتقدا أنه مباح الدم وأخطأ ظنه فيه، فكان بمنزلة الخطأ، والأول عندهم أصح.
فمن قال: على العاقلة، فلا تفريع، ومن قال: عليه، فهل يرجع بها على موكله أم لا؟ الصحيح عندهم أنه لا يرجع عليه بشئ، لأنه قد عفا عن القود فقد أحسن في فعله، وقال بعضهم: يرجع به عليه لأنه غره بالعفو من غير علمه، والذي يقتضيه أظهر رواياتنا أن عليه الدية، ويرجع بها على الذي عفا لأنه لم يعلمه العفو، فمن قال: يرجع، فلا تفريع، ومن قال: لا يرجع، فقد استقرت الدية عليه.
وأما الموكل فهل يستحق بالعفو شيئا أم لا؟ نظرت: فإن عفا على غير مال لم يجب المال، وإن عفا مطلقا فعلى قولين: فمن قال: أوجب القتل القود، على ما نقوله، قال: لا يثبت المال، ومن قال: أحد شيئين، قال: وجبت الدية في تركة المقتول، وهكذا إذا عفا على مال وجبت الدية في تركة المقتول، ولورثة هذا الجاني الذي قتله الوكيل الدية على الوكيل، وللموكل عليهم الدية، يرجع الموكل عليهم، ويرجعون هم على الوكيل، ويرجع الوكيل على الموكل على ما قلناه، ولا يرجع الموكل على الوكيل بشئ.
إذا وجب القصاص على حامل أو على حائل فلم يقتص منها حتى حملت فإنه لا يستقاد منها وهي حامل لقوله: والأنثى بالأنثى، ولم يقل الأنثى وحملها بالأنثى وقال: فلا يسرف في القتل، وقال: فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم، وهذا يزيد على المثل.