إذا قتل رجل رجلا ووجب القود عليه فهلك القاتل قبل أن يستقاد منه، سقط القصاص إلى الدية عند قوم، وقال آخرون: يسقط القود إلى غير مال، وهو الذي يقتضيه مذهبنا.
إذا قطع رجل يد رجل فاقتص منه، ثم سرى إلى نفس المقتص فمات، ثم سرى إلى نفس المقتص منه فمات، كانت نفس المقتص منه قصاصا عن نفس المقتص، لأنه استوفى منه قطعا بقطع، فلما سرى القطع إلى نفس المقتص - وهو المجني عليه - استحقت نفس الجاني قصاصا، فلما سرى إلى نفسه القطع كانت السراية عن قصاص اليد إلى نفس مستحقه قودا، فوقع القصاص موقعه بعد أن أخذت يده قصاصا.
ومثل هذا ما نقول فيه إذا قطع يد رجل ثم عاد القاطع فقتله، وجب على الجاني قصاص في الطرف وقصاص في النفس، فلو أن ولي المجني عليه قطع يد الجاني فمات بالسراية عن هذا القطع، كان فيه استيفاء ما وجب عليه من القصاص في النفس بالسراية الحادثة عن قطعه، فكذلك هاهنا.
فإن كانت بحالها فقطع المجني عليه يد الجاني، ثم سرى القطع إلى الجاني، ثم سرى القطع إلى المجني عليه، فقد هلك الجاني قبل موت المجني عليه، فهل يكون نفسه قصاصا عن نفس المجني عليه أم لا؟ قال قوم: يكون قصاصا لأن السراية إلى نفسه وجبت عن قصاص، فوجب أن يكون قصاصا كما لو سرى إلى نفسه بعد أن سرى إلى نفس المجني عليه، وقال آخرون: - وهو الأصح عندنا - أن نفسه هدر، ولا يكون قصاصا لأن السراية حصلت قبل وجوب القصاص عليها، فلو قلنا: يكون قصاصا عن نفسه، كان هذا سلفا في القصاص، وذلك لا يجوز.
إذا جنى رجل على رجل جناية، فقطع يده أو رجله، في الجملة جناية يجب فيها القود، ثم عفا المجني عليه عن الجاني، ثم سرى القطع إلى المجني عليه فمات، فالذي رواه أصحابنا أن لوليه القصاص إذا رد على ولي المعفو عنه دية ما