ولده، والحر العبد في قتل عبد، والمسلم الكافر في قتل كافر، فالقود يجب على الأجنبي وعلى العبد وعلى الكافر، دون من شاركه، لأن القود يسقط عمن شاركه لا لمعنى في فعله، بل لكمال في نفسه، فلهذا كان عليه القود.
وقال بعضهم: عليه القود في الطرف لما مضى، وأما في النفس فلا قود عليه فيها لأنها تلفت عن سراية جرحين: أحدهما حال الرق، والآخر حال الحرية، فامتزجت السراية عن جرحين أحدهما يوجب القود دون الآخر فسقط القود في النفس، كما لو قتل حران من نصفه حر ونصفه عبد، فإنه لا قود على واحد منهما، والأول أصح عندنا لما مضى.
والفرق بين المسألتين أنهما إذا قتلا من نصفه حر فكل واحد قصد إلى تناول نفس غير مكافئة له حال الحياة، فلهذا لم يجب القود على واحد منهما، يؤيد هذا أن القود في الطرف لم يجب، وليس كذلك في مسألتنا لأنه قصد إلى تناول نفس مكافئة حال الجناية، فلهذا كان عليه القود، يؤيد هذا أن القود في الطرف وجب، وإذا سرت إلى نفسه فقطعه بعد العتق كان كأنه قتله بعد العتق ولو قتله بعد العتق كان عليه القود في النفس، كذلك إذا سرت جنايته حال الحرية، فدل على ما قلناه.
فأما قدر الواجب، فإنه دية حر مسلم لأن الجناية كانت مضمونة فسرت إلى نفس مضمونة، كان فيها الدية اعتبارا ببدل النفس حال الاستقرار.
فإذا ثبت أن الدية دية حر مسلم، فإن وجوبها على الجارحين معا نصفين، لأن الجنايات إذا صارت نفسا كانت تتقسط على عدد الجناة لا الجنايات، ولا تفاضل بينها وإن كان أحدهما أكثر، بدليل أنه لو جرحه أحدهما جرحا واحدا والآخر مائة جرح، فمات فكانت الدية نصفين على عدد الجناة، لا عدد الجنايات.
قالوا: هلا جعلتموها على المفاضلة؟ كما قلتم: لو قطع حر يد عبد ثم قطع آخر يده الأخرى، ثم سرى إلى نفسه، كانت عليهما قيمته، وعلى الأول منهما أكثر