بينهما، هذا فصل الفقهاء، والذي رواه أصحابنا أن العبد آلته كالسيف والسكين مطلقا، فلا يحتاج إلى ما ذكروه.
فأما إن كان هذا العبد بهذه الصفة مملوكا لغيره، ويعتقد أن أمر هذا الآمر طاعة في كل ما يأمره، فأمره بقتل غيره فقتله فالحكم فيه كما لو كان عبد نفسه، والقود على الآمر عندهم، ويقتضي مذهبنا أن القود على القاتل إن كان بالغا.
وأما إن أمره بقتله فقال: اقتلني، فقتله هدر دمه، لأنه كالآلة له قتل نفسه بها، وإن قال له: اقتل نفسك أيها العبد، فقتل العبد نفسه، فإن كان العبد كبيرا فلا ضمان على الآمر، لأن كل عبد وإن كان جاهلا يعلم أنه لا يجب عليه قتل نفسه بأمر غيره، وإن كان العبد صغيرا أو مجنونا لا يعقل، فقال له: اقتل نفسك، فقتلها، كان الضمان على الآمر لأن الصغير قد يعتقد هذا حقا، فكان الصغير كالآلة للآمر، فكان عليه الضمان.
فأما إن كان المأمور حرا صغيرا لا يعقل أو كبيرا جاهلا، فأمره بقتل رجل فالقود على الآمر، لأنه كالآلة له، وإن قال له: اقتل نفسك، فإن كان كبيرا فلا شئ على الآمر لما مضى، وإن كان صغيرا لا تمييز له فعلى الآمر القود لأنه كالآلة في قتل نفسه، هذا إذا كان المأمور لا يعقل لصغر أو جهالة مع الكبر.
فأما إن كان المأمور عاقلا مميزا، إما بالغا أو صبيا مراهقا فأمره بقتل رجل فقتله فالحكم يتعلق بالمأمور، ويسقط الآمر وحكمه، لأنه إذا كان عاقلا مميزا فقد أقدم على ما يعلم أنه لا يجوز باختياره، فإن كان عبدا كبيرا فعليه القود، وإن كان صغيرا فلا قود ولكن تجب الدية متعلقة برقبته.
وما تلك الدية؟ فمن قال: إن عمده في حكم العمد، فالدية مغلظة حالة في رقبته. ومن قال: عمده في حكم الخطأ فالدية مخففة مؤجلة في رقبته، وعندنا أن خطأه وعمده سواء.
وإن كان المأمور حرا، فإن كان بالغا فالقود عليه، وإن كان غير بالغ فلا قود، ووجبت الدية، فمن قال: عمده عمد، قال: الدية مغلظة حالة في ماله، ومن