يدخل قصاص الطرف في قصاص النفس، وإن اختار العفو دخل أرش الطرف في دية النفس، فلا يكون له غير الدية. وأرش الطرف يدخل في دية النفس، وقود الطرف لا يدخل في قود النفس، وقال بعضهم: لا فصل بينهما، فلا يدخل أرش الطرف في دية النفس كما لا يدخل قصاصه في قصاص النفس.
والذي يقتضيه مذهبنا أنه يدخل كل واحد منهما في بدل النفس، أما الأول فلا إشكال فيه، وأما القصاص فلأن أصحابنا رووا أنه إذا مثل إنسان بغيره فقتله فلم يكن غير القتل، وليس له التمثيل بصاحبه، وقال بعضهم: إن له أن يقطع يده ثم يقتله ولا يكون ذلك قصاصا بل يكون للمماثلة، كما لو أجافه ثم قتله كان للولي أن يجيفه ثم يقتله، وإن كان لا قصاص في الجائفة.
إذا جرح رجلا جرحا يكون منه التلف، فالكلام في فصلين: إذا داوى المجروح نفسه، وإذا خاط جرح نفسه.
فأما إن داوى جرحه بسم فهو على ثلاث أضرب سم يقتل في الحال، وسم يقتل ولا يقتل والغالب أنه لا يقتل، وسم يقتل ولا يقتل، والغالب أنه يقتل.
فإن كان السم سم ساعة، وكان مجهزا منفرا في الحال فداوى به نفسه، إما بأن يشربه متداويا أو وضعه على الجرح، فمات، فلا فصل بين أن يعلمه قاتلا أو لا يعلمه، الباب واحد، فإنه لا قود على الجارح في النفس لأن المجروح هو الذي قتل نفسه، فإذا قتلها قطع سراية الجرح، ومات من فعل نفسه، فهو كما لو جرحه ثم ذبح هو نفسه، فإنه لا قود على الجارح، ويكون كأنه اندمل ذلك الجرح، فإن لم يكن فيه قصاص فعليه الأرش، وإن كان فيه القصاص فولي القتيل بالخيار بين أن يقتص وبين أن يعفو على مال، هذا إذا كان السم موجبا.
وأما إن كان السم لا يقتل غالبا فلا قود في النفس على الجارح، لأن القتل حصل بفعلين أحدهما عمد محض وهو فعل الجارح، والآخر عمد الخطأ وهو فعل المجروح، لأنه عمد في فعله وأخطأ في قصده، فهو كما لو جرحه جارح ثم جرح نفسه عمد الخطأ فإنه لا قود على الجارح، فإذا ثبت أنه لا قود عليه، فما