أنملة وجب فيها أرشها، فإن سرت إلى النفس كان فيها الدية اعتبارا بحال الاستقرار، وهكذا لو قطع يدي نصراني ثم أسلم وجب فيه دية مسلم اعتبارا بحال الاستقرار، وهكذا لو قلع عين عبد قيمته ألف درهم فأعتق ثم سرت إلى نفسه، كان فيه دية حر مسلم اعتبارا بحال الاستقرار.
وعلى هذا لو قطع يدي نصراني ثم تمجس وسرى إلى نفسه - وقيل: إنه يقر على دينه - وجب فيه دية مجوسي ثمان مائة درهم اعتبارا بحال الاستقرار، ومن قال: لا يقر عليه، فهو مرتد والواجب فيه أقل الأمرين من أرش الجناية أو دية نصراني، وعلى قول بعضهم أرش الجناية بالغا ما بلغت.
وأما الكلام في من يستحقه: فإن الذي يستحقه هاهنا هو السيد وحده، لأن الجناية أوجبت ألفي دينار كلها للسيد، وإذا أعتق وسرت إلى نفسه وهو حر نقص السراية نصف ما قد كان ملكه السيد حين الجناية، وأقل أحواله أن يكون ذلك دون غيره.
قالوا: هلا قلتم لوارثه - أعني العبد اعتبارا بوارثه حال الوفاة دون من كان يملكه حين الجناية - كما قلتم في من قطع يد نصراني فأسلم ثم سرت إلى نفسه كانت الدية لورثته المسلمين دون من كان وليه حين الجناية؟
قلنا: الفصل بينهما، إذا قطعت يد النصراني كان الواجب فيها له، فإذا أسلم فسرت كان المالك لها هو، فمات عنها وهي له فكانت لوارثه حين الوفاة، وفي مسألتنا كان المالك للأرش حين الجناية هو السيد، فإذا أعتق العبد لم يتحول ملك عبده لعقبه، فلهذا كان لسيده دون ورثة العبد.
قالوا: فهلا جعلتم الدية بين السيد وورثة العبد؟ لأن الجناية كانت حال الرق والسراية حال الحرية، كما قلتم إذا قلع عين عبد قيمته ألف دينار فأعتق فسرى إلى نفسه فمات، ففيه دية مسلم حر نصفها لورثته ونصفها لسيده.
قلنا: الفصل بينهما، أنه إذا كانت قيمته ألف دينار كان في يده نصف قيمته خمس مائة دينار، فإذا أعتق فمات كان الواجب ألف دينار، زاد بالسراية حال