الحرية خمس مائة دينار، فكانت الزيادة حال الحرية لوارثه، والواجب حال الرق لسيده، وليس كذلك في مسألتنا، لأنه لما سرت حال الحرية نقص الأرش بها، فكان للصاحب ألفا دينار فنقص ألف دينار بالسراية، ولم يزد حال الحرية شئ، فلهذا لم يكن لوارثه شئ بحال، فأقل أحواله أن يتفرد بما بقي له.
فوزان هذا من مسألتنا أن يكون قيمته ألفي دينار فقطع قاطع يده ففيه ألف دينار، ثم أعتق ثم مات ففيه دية حر مسلم كلها للسيد، لأنه ما زاد بالسراية شئ، فبان الفصل بينهما، وعندنا أنها مثل الأولى، لأنه لا يضمن يده بأكثر مما يضمن به يد الحر سواء.
وهذا أصل في باب الجنايات: متى اندمل الجرح فذاك الواجب بالجرح يستقر بالاندمال، وإن صار الجرح نفسا استقر بالسراية بدل النفس، ثم ينظر فيه، فإن زاد بالسراية حال الحرية كان بدل النفس بين السيد والورثة، وإن نقص بالسراية أو لم يزد ولم ينقص كان كله للسيد.
إذا قطع يد عبد ثم أعتق العبد ثم سرى إلى نفسه فمات فالكلام في ثلاثة فصول: في القود، وقدر الواجب، وفي من يستحق ذلك الواجب:
أما القود فلا يجب عليه لأن القود إنما يجب بالقصد إلى تناول نفس مكافئة حال الجناية، وهذا لا يكافئه حال الجناية، فلا قود فيه، ألا ترى أن عبدا لو قطع يد عبد وأعتق القاطع ثم مات المقطوع، كان على القاطع القود اعتبارا بحال الجناية، وهكذا لو قطع يد هذا العبد حر نصراني أو حر مستأمن ثم أعتق ثم سرى إلى نفسه ومات، فلا قود على القاطع، لأنه حر فلا يقتل بالعبد.
فإذا ثبت أنه لا يقتل به وجب عليه دية حر مسلم، لأن الجناية إذا كانت مضمونة فسرت إلى النفس وهي مضمونة كان الاعتبار ببدل النفس حال الاستقرار، وهو حين الاستقرار حر مسلم، فلهذا كان فيه كمال الدية، ولا يدخل على هذا إذا قطع يدي عبد قيمته ألف دينار، فلم يزل يتناقص حتى صار يساوى عشرة دراهم، ثم مات، فإن عليه أكثر ما كانت قيمته إلى حين الوفاة، لأنا قلنا: