والذي يقوى في نفسي ويقتضيه مذهبنا أنه لا قود عليه في قطع الطرف ولا دية، لأنا قد بينا أن الطرف يدخل قصاصه في قصاص النفس، وكذلك ديته، وهاهنا النفس غير مضمونة، ويجب أن لا يجب فيها القصاص ولا الدية بحال.
إذا فقأ عيني عبد أو قطع يديه أو قطع رجليه، وقيمته ألفا دينار، لم يخل من أحد أمرين: إما أن يندمل أو يسري إلى نفسه.
فإن اندمل وهو رقيق وجب على الجاني ألفا دينار، لأن الجناية متى اندملت فما وجب بالجناية يستقر بالاندمال، والذي وجب بها ألفا دينار، وعندنا لا يجب أكثر من ألف دينار لأنه لا يزاد في ضمان أطرافه على أطراف الحر، كالنفس عندنا سواء.
وأما إن أعتق ثم اندملت حال الحرية استقر أيضا على الجاني ألفا دينار، وعندنا ألف دينار، لما مضى، ويكون جميعه لسيده لأنه ملك السيد حال الجناية، فكان ما استقر بالاندمال له.
وإن سرت إلى نفسه فمات، نظرت:
فإن مات قبل العتق، فالواجب عندنا ألف دينار لأنه لا يزاد قيمته في باب الضمان على دية الحر، وعند بعضهم يجب ألفا دينار، ويكون ما يستقر على المتلف لسيده بلا خلاف، لأنه تلف على ملكه.
وإن أعتق ثم سرت إلى نفسه فمات وهو حر فإنه يجب فيه دية الحر عندنا وعند جماعة ممن خالف فيما تقدم، وقال بعضهم: يستقر لموته ألفا دينار لأن أرش الجناية يستقر بالاندمال مرة وبالسراية أخرى، ولو استقرت بالاندمال لوجب ألفا دينار، فكذلك إذا استقر بالسراية إلى النفس.
قال من خالف: هذا غلط لأنها جناية مضمونة سرت إلى النفس وهي مضمونة، فوجب أن يعتبر بدل النفس بحال الاستقرار.
ألا ترى أنه لو قطع يدي حر ورجليه وأذنيه وقلع عينيه ففيه أربع ديات، فإن سرت إلى نفسه وجب فيه دية واحدة اعتبارا بحال الاستقرار، وهكذا لو قطع