جائزا، إذا تقابضا وافترقا بالأبدان، ولا فرق بين أن يكون ذلك مرة أو مكررا، والافتراق بالبدن لا بد منه فإن لم يفترقا لكن خيره فقال له: اختر ما شئت من إمضاء البيع وفسخه، فإن اختار إمضاء البيع لزم البيع وسقط الخيار وقام التخاير مقام التفرق إلا أنه يكون التخاير بعد التقابض فإن تخايرا قبل التقابض بطل الصرف.
وأما إذا تقابضا ولم يتفرقا ولم يتخايرا لكنه اشترى منه بالذهب الذي قبضه دراهم مكسرة صح الشراء لأن شروعهما في البيع قطع للخيار وإمضاء للبيع، لأنا قد بينا أنه إذا تصرف فيه أو أحدث المشتري فيه حدثا بطل خياره وهاهنا قد حصل التصرف منهما فبطل خيارهما وصح الشراء الثاني.
وإن باعه قبل التخاير أو التفرق من غير بائعه لم يصح لأن للبائع حق الخيار، هذا إذا اشترى من بائعه دراهم.
فأما إذا لم يفعلا هكذا لكنه أقرضه الصحاح التي معه واستقرض منه مكسرة أكثر منها ثم أبرأ كل واحد منهما صاحبه كان جائزا، وكذلك إذا وهب كل واحد منهما لصاحبه ما معه وأقبضه كان جائزا، وكذلك إذا باع الصحاح بوزنها من المكسرة ثم وهب له الفضل من المكسرة كان جائزا.
إذا كان مع رجل عشرة دراهم ومع آخر دينار قيمته عشرون درهما فإن أراد أن يشتري منه الدينار بعشرين درهما فاشترى نصف دينار بعشرة دراهم وسلم العشرة إليه ثم قبض الدينار منه فيكون نصفه عن بيع ونصفه وديعة في يده إن تلف لم يضمن، ثم استقرض العشرة التي دفعها إليه واشترى منه بها النصف الآخر من الدينار صح ذلك، فيكون جميع الدينار للمشتري، والبائع قد استوفى جميع الثمن وله على المشتري عشرة دراهم من جهة القرض، وإن لم يفعل هكذا لكنه اشترى جميع الدينار منه بعشرين درهما وسلم إليه العشرة التي معه ثم استقرضها منه وقضاه بماله من العشرة في ذلك المجلس كان أيضا جائزا وكان مثل الأولى.