إذا كان المبيع شيئا بعينه فهلك بعد العقد لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكون قبل القبض أو بعده:
فإن كان قبل القبض بطل البيع وسواء كان التلف في مدة الخيار أو بعد انقضاء مدة الخيار، فإذا تلف هلك على ملك البائع وبطل الثمن، فإن كان الثمن مقبوضا رده، وإن كان غير مقبوض سقط عن المشتري.
وإن كان الهلاك بعد القبض لم يبطل البيع سواء كان في يد المشتري أو في يد البائع، مثل أن قبضه المشتري ثم رده إلى البائع وديعة أو عارية الباب واحد.
فإذا ثبت أنه لا ينفسخ نظرت: فإن كان الهلاك بعد انقضاء مدة الخيار فلا كلام، وإن كان في مدة الخيار لم ينقطع الخيار ثم لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يجيزا البيع أو يفسخا.
فإن فسخاه أو أحدهما سقط الثمن ووجبت القيمة على المشتري.
وإن اختار إمضاء البيع أو سكتا حتى مضت مدة الخيار فإنه يلزم الثمن ولا يلزم القيمة لأنه عقد النكاح ينعقد بالإيجاب والقبول سواء تقدم الإيجاب فقال: زوجتك بنتي، فقال: قبلت النكاح، أو تأخر الإيجاب كقوله: زوجني بنتك، فقال:
زوجتك، بلا خلاف.
فأما البيع فإن تقدم الإيجاب فقال: بعتك، فقال: قبلت، صح بلا خلاف، وإن تقدم القبول فقال: بعنيه بألف، فقال: بعتك، صح، والأقوى عندي أنه لا يصح حتى يقول المشتري بعد ذلك: اشتريت.
فإذا ثبت هذا فكل ما يجري بين الناس إنما هو استباحات وتراض دون أن يكون ذلك بيعا منعقدا، مثل أن يعطي للخباز درهما فيعطيه الخبز أو قطعة للبقلي فيناوله البقل، وما أشبه ذلك، ولو أن كل واحد منهما يرجع فيما أعطاه كان له ذلك لأنه ليس بعقد صحيح هو بيع.