وروى يونس بن أبي إسحاق السبيعي عن أمه عالية بنت أيفع قالت:
خرجت إلى الحج أنا وأم محبة فدخلنا على عائشة فسلمنا عليها، فقالت: من أين أنتن؟ فقلنا: من الكوفة - وكأنها أعرضت -، فقالت لها أم محبة: يا أم المؤمنين كانت لي جارية، فبعتها من زيد بن أرقم بثمانمائة درهم إلى عطائه - وفي بعضها إلى العطاء - فأراد أن يبيعها، فاشتريتها منه بستمائة نقدا، فقالت: بئس ما شريت وبئس ما بعت، أخبري زيد بن أرقم أنه أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وآله إلا أن يتوب، فقالت: أرأيت إن أخذت رأس مالي؟ قالت: قوله تعالى: فمن جاء موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف.
ورواه أبو إسحاق السبيعي عن امرأته قالت: حججت أنا وأم ولد زيد بن أرقم، فدخلنا على عائشة، الحديث.
والجواب عن خبر عائشة أن راويه عالية بنت أيفع وأم محبة.
قال الشافعي: هما امرأتان مجهولتان، والمجهول، أضعف من الضعيف المعروف.
وقال الطحاوي: عالية بنت أيفع امرأة معروفة زوجة أبي إسحاق السبيعي، ولها ولدان فقيهان.
قلنا ليس الكلام على أولادها، وإنما الكلام عليها، فإذا كانت مجهولة لم تتعرف بأولادها.
قال الشافعي: وأصل الخبر لا يصح من وجه آخر، وذلك أنه لا يخلو زيد أن يكون قال ذلك اجتهادا أو سمع من النبي صلى الله عليه وآله شيئا وخالفه، فإن كان الثاني فهذا طعن على الصحابي ولا يقولون به.
والقول الأول لا يحبط الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وآله، لأنه صادر عن اجتهاد، فعلم بذلك بطلان الخبر، ولو صح، فابن عمر، وزيد بن أرقم يخالفان فيه، فالمسألة خلاف من الصحابة.
على أنه لو سلم الخبر من كل طعن، لم يكن فيه دلالة، لأن المرأة أخبرت أن