وفي انعقاد قضاء الأعمى تردد، أظهره أنه لا ينعقد، لافتقاره إلى التمييز بين الخصوم، وتعذر ذلك مع العمى إلا فيما يقل.
وهل يشترط الحرية؟ قال في المبسوط: نعم، والأقرب إنه ليس شرطا.
وهنا مسائل:
الأولى: يشترط في ثبوت الولاية إذن الإمام عليه السلام، أو من فوض إليه الإمام (5). ولو استقضى أهل البلد قاضيا، لم يثبت ولايته. نعم، لو تراضى خصمان بواحد من الرعية، وترافعا إليه، فحكم بينهما لزمهما الحكم، ولا يشترط رضاهما بعد الحكم. ويشترط فيه (6) ما يشترط في القاضي المنصوب عن الإمام، ويعم الجواز كل الأحكام. ومع عدم الإمام، ينفذ قضاء الفقيه من فقهاء أهل البيت عليهم السلام، الجامع للصفات المشروطة في الفتوى، لقول أبي عبد الله عليه السلام (7): " فاجعلوه قاضيا، فإني جعلته قاضيا فتحاكموا إليه "، ولو عدل - والحال هذه - إلى قضاة الجور، كان مخطئا.
الثانية: تولي القضاء مستحب (8)، لمن يثق من نفسه بالقيام بشرائطه، وربما وجب. ووجوبه على الكفاية، وإذا علم الإمام، أن بلدا خال من قاض، لزمه أن يبعث له. ويأثم أهل البلد بالاتفاق على منعه، ويحل قتالهم طلبا للإجابة (9). ولو وجد من هو بالشرائط فامتنع لم يجبر مع وجود مثله (10). ولو ألزمه الإمام، قال في الخلاف: لم يكن له الامتناع، لأن ما يلزم به الإمام واجب. ونحن نمنع الإلزام، إذ الإمام لا يلزم بما ليس لازما. أما لو لم يوجد غيره، تعين هو، ولزمه الإجابة. ولو لم يعلم به الإمام (11)، وجب