يوما وقال مالك وعبيد الله بن الحسن والشافعي أكثره ستون يوما ثم رجع مالك عن هذا وقال نسأل الناس عنه وأهل المعرفة وحكى الليث أن من الناس من يقول سبعون يوما وحكي عن الحسين أيضا أنه قال أكثر النفاس خمسون يوما فأما أقل النفاس عندنا فانقطاع الدم دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع المتقدم ذكره وأيضا فإن الاتفاق حاصل من أن الأيام التي تقر بأنها النفاس فإن النفاس يلحقها حكم النفاس ولم يحصل فيما زاد على ذلك اتفاق ولا دليل والقياس لا يصح إثبات المقادير به فيجب صحة ما اعتمدناه وأيضا ولك أن تقول إن المرأة داخلة في عموم الأمر بالصلاة والصوم وإنما يخرجها في الأيام التي حددناهما الاجماع ولا إجماع ولا دليل فيما زاد على ذلك فيجب دخولها تحت عموم الأوامر ولو لم يكن مذهبنا إلا أن فيه استظهارا للفرض والاحتياط له وإخبارهم بخلاف ذلك لكفى.
المسألة الرابعة والستون:
ولو ولدت توأمين كان النفاس من مولدها الآخر منهما ليست أعرف ولأصحابنا نصا صريحا في هذه المسألة والذي يقوى في نفسي أن النفاس يكون من مولد الأول وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بمثل ذلك وقال محمد وزفر من مولد الآخر الدليل على صحة ما قويناه أن النفاس هو الدم الخارج عقيب الولادة بدلالة أنها لو رأت الدم قبل الولادة لم يكن نفاسا ولو رأته بعد الولادة ولم يبق في بطنها ولد كان نفاسا فعلم أن النفاس هو دم خارج عقيب الولادة وقد وجد دم على هذه الصفة فوجب أن يكون نفاسا ولا يمنع كون أحد الولدين باقيا في بطنها من أن يكون نفاسا وأيضا لا يختلف أهل اللغة في أن المرأة إذا ولدت وخرج الدم عقيب الولادة فإنه يقال قد نفست ولا يعتبرون بقاء ولد في بطنها ويسمون الولد منفوسا قال الشاعر: إذا نفس المنفوس من آل خالد بدا كرم للناظرين مبين.
فسمي الولد منفوسا ومحال أن يكون الولد منفوسا إلا والأم نفساء والدم نفسه فسمي نفسا أ لا ترى أنهم يقولون كلما له نفس سائلة فحكمه كذا وكذا يعنون كلما له دم سائلة وإذا كان الدم وقع عليه اسم النفس وجب أن يكون خروجه عقيب الولادة نفاسا على كل حال.