النجاسة بالمائع الطاهر وإن لم يكن ماء، وبه قال أبو حنيفة وأبو يوسف وقال محمد وزفر ومالك والشافعي لا يجوز ذلك، دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه بعد الاجماع المقدم ذكره قوله تعالى وثيابك فطهر فأمر بتطهير الثوب ولم يفصل بين الماء وغيره وليس لهم أن يقولوا إنا لا نسلم أن الطهارة يتناول الغسل بغير الماء لأن تطهير الثوب ليس هو بأكثر من إزالة النجاسة منه وقد زالت بغسله بغير الماء مشاهدة لأن الثوب لا يلحقه عبادة وأيضا ما روي عنه ع في المستيقظ من النوم لا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها فأمر بما يتناوله اسم الغسل ولا فرق في ذلك بين سائر المائعات وأيضا حديث عمار رضي الله تعالى عنه وقوله ع إنما يغسل الثوب من المني والدم وهذا عموم فيما يسمى غسلا وأيضا حديث خولة بنت يسار أنها سألت النبي عن دم الحيض يصيب الثوب فقال ع احثيه ثم اقرصيه ثم اغسليه ولم يذكر الماء وليس لهم أن يقولوا: إن إطلاق الأمر بالغسل ينصرف إلى ما يغسل في العادة ولا يعرف في العادة إلا الغسل بالماء دون غيره وذلك أنه لو كان الأمر على ما قالوا لوجب ألا يجوز غسل البول بماء الكبريت والنفط وغيرهما مما لم يجر العادة بالغسل به فلما جاز ذلك ولم يكن معتادا بغير خلاف علم أن المراد بالخبر ما يتناوله اسم الغسل حقيقة من غير اعتبار بالعادة.
المسألة الثالثة والعشرون:
يجب الاستنجاء من كل خارج من السبيلين سوى الريح فإن الاستنجاء من خروجها حسنة وفضل عندنا أن الاستنجاء من البول والغائط واجب فمن تعمد تركه لم يجز صلاته وبذلك قال الشافعي وقال أبو حنيفة وأصحابه الاستنجاء غير واجب واختلفت الرواية عن مالك في وجوب الاستنجاء ونفي وجوبه والأشبه أنه موافق لأبي حنيفة في نفي وجوبه فأما الريح فلا استنجاء فيها لا واجبا ولا ندبا وهو مذهب سائر الفقهاء والذي يدل على وجوب الاستنجاء بعد الاجماع المتقدم ذكره ما رواه أبو هريرة عن النبي ع قوله إنما أنا لكم مثل الوالد فإذا ذهب أحدكم للغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها بغائط وبول وليستنج بثلاثة أحجار وأمره ع على الوجوب وأيضا ما روي عنه