طاهرة وإباحة لكل سمك وطهارته لجميع أجزائه لأن التحليل يقتضي الإباحة من جميع الوجوه ويدل عليه أيضا قوله تعالى: قل لا أجد فيما أوحي إلى إلى قوله: دما مسفوحا أو لحم خنزير فأخبر تعالى أن ما عدا المسفوح ليس بمحرم ودم السمك ليس بمسفوح فوجب ألا يكون محرما ويدل على ذلك أيضا أنه لا خلاف في جواز أكل السمك بدمه من غير أن يسفح منه فلو كان نجسا لما جاز ذلك ألا ترى أن سائر الدماء لما كانت نجسة لم يجز أكل الحيوان التي هي فيه إلا بعد سفحها وأيضا فلا خلاف في جواز أكل اللحم الذي قد بقي في عروقه أجزاء من الدم فإنه لا يجب أن ينتفي ذلك بالغسل لأنه ليس بدم يسفح وكذلك دم السمك وأيضا فقد اتفقوا على أن الدم الباقي في العروق بعد الذكاة طاهر لا يجب غسله لأنه باق في العروق بعد الذكاة ويجوز أكله وكذلك دم السمك.
المسألة السادسة عشرة:
الخمر نجسة وكذلك كل شراب يسكر كثيره لا خلاف بين المسلمين في نجاسة الخمر إلا ما يحكى عن شذاذ لا اعتبار بقولهم والذي يدل على نجاستها قوله تعالى: إنما الخمر والميسر... إلى قوله: عمل الشيطان، وقد بينا أن الرجس والرجز بمعنى واحد في الشريعة فأما الشراب الذي يسكر كثيره فكل من قال: أنه محرم الشرب ذهب إلى أنه نجس كالخمر وإنما يذهب إلى طهارته من ذهب إلى إباحة شربه وقد دلت الأدلة الواضحة على تحريم كل شراب أسكر كثيره فوجب أن يكون نجسا لأنه لا خلاف في أن نجاسته تابعة لتحريم شربه.
المسألة السابعة عشرة:
كل حيوان ليس له دم سائل فإنه لا ينجس بالموت وهذا صحيح، عندنا أن كل ما لا نفس له سائلة كالذباب والجراد والزنابير وما أشبهها لا ينجس بالموت ولا ينجس الماء إذا وقع فيه قليلا كان أو كثيرا، وأبو حنيفة وافقنا في هذه المسألة وكذلك مالك والشافعي فيها قولان قال في القديم: إنه لا ينجس الماء وفي الجديد أنه ينجسه دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه