خلاف في أن نية القربة والعبادة في الوضوء مسنونة مندوب إليها ولا يجوز أن يتقرب إلى الله بالمعاصي والقبائح.
المسألة الثامنة:
ولا يجوز التحري في الأواني وإن كانت جهة الطاهر أغلب وهذا صحيح وإليه ذهب أصحابنا وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يجوز التحري في الإنائين ويجوز في ما عدا ذلك إذا كانت الغلبة للطاهر وأجاز الشافعي التحري في الإنائين وفي ما زاد على ذلك.
دليلنا على المنع من التحري في الآنية التي يتيقن نجاسة أحدها قوله تعالى: فلم تجدوا ماء فتيمموا. وإنما عني بالوجود القدرة على الماء الطاهر والتمكن منه ومن لا يعرف الشئ بعينه ولا يميزه، فليس يتمكن عنه ولا واجد له ولأنه تعالى لم يذكر التحري في الآية بل أمر باستعمال الماء عند وجوده والتراب عند فقده من غير أمر بالتحري. فمن أوجبه فقد زاد في الظاهر ما لا يقتضيه.
المسألة التاسعة:
سؤر السباع نجس. الصحيح عندنا أن سؤر جميع البهائم من ذوات الأربع والطيور ما خلا الكلب والخنزير طاهر يجوز الوضوء به ويكره سؤر ما يأكل الجيف والميتة من هذه الجملة وكذلك يكره سؤر الجلال وبمثل ذلك قال الشافعي وقال مالك أسار جميع الحيوان طاهر وهو مذهب أهل الظاهر. وقال أبو حنيفة وأصحابه سباع ذات الأربع كلها نجسة و كذلك أسئارها ما خلا الهر فإن سؤرها طاهر إلا أن الوضوء به مكروه وإن فعل أجزأ ولم يكره أبو يوسف سؤر الهر فأما سؤر جميع سباع الطير وحشرات الأرض كالفأرة والحية وما أشبهها فتجري عندهم مجرى سؤر الهر في كراهية الوضوء به.
دليلنا على كراهية سؤر ما ذكرناه وجواز الوضوء قوله تعالى: وأنزلنا من السماء ماء طهورا. وقوله: وينزل من السماء ماء... الآية وقد علمنا أن شرب البهائم منه لا يخرجه من أن يكون منزلا من السماء فيجب بقاؤه على أصل الطهارة. وقد روى أصحاب الحديث نقلا