ومن هذا الباب ما إذا كان المتقى ممن له شأن وأهمية في نظر الخلق بحيث يكون ارتكابه لبعض المحرمات تقية أو تركه لبعض الواجبات مما يعد موهنا للمذهب وهاتكا لحرمته كما لو أكره على شرب المسكر والزنا مثلا فان جواز التقية في مثله تشبثا بحكومة دليل الرفع وأدلة التقية مشكل بل ممنوع، ولعله عليه محمول قوله في صحيحة زرارة الآتية عدم اتقائه من شرب المسكر (إلخ).
وأولى من ذلك كله في عدم جواز التقية فيه ما لو كان أصل من أصول الإسلام أو المذهب أو ضروري من ضروريات الدين في معرض الزوال والهدم والتغيير كما لو أراد المنحرفون الطغاة تغيير أحكام الإرث والطلاق والصلاة والحج وغيرها من أصول الأحكام فضلا عن أصول الدين أو المذهب فان التقية في مثلها غير جائزة، ضرورة ان تشريعها لبقاء المذهب وحفظ الأصول وجمع شتات المسلمين لإقامة الدين وأصوله فإذا بلغ الأمر إلى هدمها فلا تجوز التقية وهو مع وضوحه يظهر من الموثقة المتقدمة.
ومنها المسح على الخفين ومتعة الحج وشرب المسكر والنبيذ والجهر ببسم الله فان مقتضى بعض الاخبار استثناؤها عن التقية كصحيحة زرارة قال: قلت له: في مسح الخفين تقية؟ فقال ثلاثة لا اتقى فيهن أحدا: شرب المسكر، ومسح الخفين، ومتعة الحج قال زرارة: ولم يقل الواجب عليكم ان لا تتقوا فيهن أحدا (1) ورواية أبي عمر الأعجمي عن أبي عبد الله في حديث: والتقية في كل شيء الا في النبيذ والمسح على الخفين (2) وغيرهما (3).