ومنها ان بنائه على جريان استصحاب الكلي الجامع بين الحكم الظاهري والواقعي غير وجيه اما أولا فلما مر من عدم الشك في بقاء الحكم الواقعي وثانيا انه بعد فرض حكومة الأصل السببي على المسببي يسقط الحكم الظاهري وبسقوطه لا دليل فعلا على ثبوت الحكم الواقعي لسراية الشك إلى السابق كما مر منه قدس سره فلا يقين فعلا على الجامع بينهما، فاستصحاب الكلي انما يجري إذا علم بالجامع فعلا وشك في بقائه وهو غير نظير المقام الذي بانعدام أحد الفردين ينعدم الاخر من الأول أو ينعدم الدليل على ثبوته من الأول، هذا مع الغض عن الإشكال في استصحاب الجامع في الأحكام مما مر منا كرارا.
ومنها ان (إنكاره) جريان الاستصحاب في المسألة الأصولية معللا بأنه يلزم من جريانه الأخذ بخلاف مفاده ومثله غير مشمول لأدلته (غير وجيه) لأن مفاد الاستصحاب هو سقوط حجية الفتاوى الفرعية وهو غير اعتبار فتاواه ولا لازمه ذلك ولا الأخذ بفتوى الحي لإمكان العمل بالاحتياط بعد سقوطها عن الحجية، وبالجملة سقوط الفتاوى عن الحجية امر جاء من قبل الاستصحاب والرجوع إلى الحي امر آخر غير مربوط به وان كان لازم الرجوع إليه البقاء على قول الميت. والعجب انه قدس سره تنبه على هذا الإشكال ولم يأت بجواب مقنع.
ولو ادعى انصراف أدلة الاستصحاب من مثل المقام لكان انصرافها عن الأصل السببي وعن الأصلين المتعارضين أولى لأن إجراء الاستصحاب للسقوط أسوأ حالا من إجرائه في مورد كان المكلف ملزما بالاخذ بدليل آخر مقابل له في المفاد والحل في الكل:
انه فرق بين ورود دليل لخصوص مورد من تلك الموارد وبين ما شملها بإطلاقه والإشكال متجه فيها على الأول لا الثاني.
ومنها ان ما ذكره أخيرا في وجه عدم جريان الاستصحاب في المسألة الأصولية من ان المفتي الحي كان يرى خطأ الميت انما يصح لو كان المفتي أراد جريان الاستصحاب لنفسه وقد فرض في صدر المبحث انه نزل نفسه منزلة العامي في الشك في الواقعة، والتحقيق هو ما عرفت من عدم جريان الأصل لا بالنسبة إلى المفتي ولا بالنسبة إلى العامي في المسألة الأصولية.