تحققت أولا فلا شك في انها متحققة في الحال أيضا لأن الشك في بقائها اما لأجل الشك في النسخ أو الشك في فقدان شرط كصلاة الجمعة في زمان الغيبة أو حدوث مانع، والفرض انه لا شك من هذه الجهات، أو الأحكام الظاهرية بدعوى كونها مجعولة عقيب رأي المجتهد بل عقيب سائر الأمارات فهو أيضا ممنوع لعدم الدليل على ذلك بل ظاهر الأدلة على خلافه لأن الظاهر منها إمضاء ما هو المرتكز لدى العقلاء والمرتكز لديهم هو أمارية رأي المجتهد للواقع كأمارية رأي كل ذي صنعة إلى الواقع في صنعته.
وبالجملة لا بد في جريان الاستصحاب من حكم أو موضوع ذي حكم وليس في المقام شيء قابل له، اما الحكم الشرعي فمفقود لعدم تطرق جعل وتأسيس من الشارع واما ما لدى العقلاء من حجية قول أهل الخبرة فلعدم كونه موضوعا لحكم شرعي بل هو امر عقلائي يتنجز به الواقع بعد عدم ردع الشارع إياه، واما إمضاء الشارع وارتضائه لما هو المرتكز بين العقلاء فليس حكما شرعيا حتى يستصحب تأمل (1) بل لا يستفاد من الأدلة الا الإرشاد إلى ما هو المرتكز فليس جعل وتأسيس كما لا يخفى.
ان قلت: بناء عليه ينسد باب الاستصحاب في مطلق مؤديات الأمارات فهل فتوى الفقيه الا إحداها مع انه حقق في محله جريانه في مؤدياتها فكما يجري فيها لا بد وان يجري في الحكم المستفاد من فتوى الفقيه.
قلت: هذه مغالطة نشأت من خلط الشك في بقاء الحكم والشك في بقاء حجية الحجة عليه فان الأول مجرى الاستصحاب دون الثاني فإذا قامت الأمارة اية أمارة كانت على حكم ثم شك في بقائه لأحد أسباب طرو الشك كالشك في النسخ يجري الأصل لما ذكرنا في الاستصحاب من شمول أدلته مؤديات الأمارات أيضا واما إذا شك في أمارة بعد قيامها على حكم وحجيتها في بقاء الحجية لها في زمان الشك فلا يجري فيها لعدم الشك في بقاء حكم شرعي كما عرفت، فقياس الاستصحاب في نفس الأمارة وحكمها على الاستصحاب في مؤداها مع الفارق فان المستصحب في الثاني هو الحكم الواقعي