وأن يكون الموقوف عليه غير الواقف، فلو وقف على نفسه لم يصح، فأما إذا وقف شيئا على المسلمين عامة، جاز له الانتفاع به، لأنه يعود إلى أصل الإباحة، فيكون هو وغيره فيه سواء.
وأن يكون معروفا متميزا، ليصح التقرب إلى الله تعالى بالوقف عليه، وهو ممن يملك المنفعة حالة الوقف، فلا يصح أن يقف على شئ من معابد أهل الضلال، ولا على مخالف الاسلام، ولا على معاند للحق إلا أن يكون ذا رحم له، ولا على أولاده ولا ولد له، ولا على الحمل قبل انفصاله، ولا على عبد.
ولو وقف على أولاده وفيهم موجود صح، ودخل في الوقف من سيولد له على وجه التبع (1) لأن الاعتبار باتصال الوقف في ابتدائه بمن هو من أهل الملك، ويصح الوقف على المساجد والقناطر وغيرهما لان المقصود بذلك مصالح المسلمين وهم يملكون الانتفاع.
وأن يكون الوقف مؤبدا غير منقطع فلو قال: وقفت كذا سنة، لم يصح. فأما قبض الموقوف عليه أو من يقوم مقامه في ذلك، (2) فشرط في اللزوم.
وإذا تكاملت هذه الشروط، زال ملك الواقف، ولم يجز له الرجوع في الوقف، ولا تغييره (3) من وجوهه إلا على وجه نذكره.
وينتقل الملك إلى الموقوف عليه، ويجوز للموقوف عليه بيع الوقف إذا صار بحيث لا يجدي نفعا وخيف خرابه وكانت بأربابه حاجة شديدة ودعتهم الضرورة إلى بيعه.