الصورة الثامنة أن يقع الاختلاف بنحو لا يؤمن معه تلف المال أو النفس، وقد يظهر من عبارة جماعة جواز البيع فيه، وكأنه لمكاتبة ابن مهزيار إلى أبي جعفر (ع) فيمن وقف ضيعة وجعل له (ع) في الوقف الخمس يسأله عن رأيه في بيع حصته أو تقويمها على نفسه أو يدعها موقوفة؟ فكتب (ع) إليه أنه يأمره ببيع حصته - عليه السلام - أو تقويمها على نفسه فكتب إليه: إن الرجل ذكر بين من وقف عليهم بقية الضيعة اختلافا شديدا وليس يأمن أن يتفاقم ذلك بينهم بعده فإن كان يرى أن يبيع هذا الوقف ويدفع إلى كل انسان منهم ما وقف له من ذلك فكتب - عليه السلام - بخطه: واعلمه أن رأيي له إن كان قد علم الاختلاف ما بين أصحاب الوقف إن بيع الوقف أمثل فإنه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال والنفوس (وفيه) أن قوله " ع ": فإنه ربما... الخ إن كان تعليلا لجواز البيع مع الاختلاف كان مقتضى عموم التعليل جواز البيع بمجرد احتمال تلف النفوس والأموال وإن لم يكن بسبب الاختلاف، وإن كان حكمة لجواز البيع عند الاختلاف كان اللازم البناء على جواز البيع مع الاختلاف مطلقا وعلى كل حال لا تصلح الرواية لاعتبار القيدين معا (اللهم) إلا أن يبنى على اجمالها ويكون اجتماع القيدين هو المتيقن، ومن ذلك تعرف عدم دلالة الرواية على جواز البيع في (الصورة التاسعة " وهي أن يؤدي الاختلاف إلى ضرر عظيم وإن لم يكن نفسا أو مالا ولا سيما مع وضوح خلوها عن التعرض لمطلق الضرر وعن اعتبار الأداء الواقعي إلى ذلك لصراحتها في كفاية الاحتمال وأما في " الصورة العاشرة " وهي أن يلزم من بقاء الوقف فساد يستباح منه الأنفس فدلالة الرواية على الجواز فيها مبنية على ملاحظة الذيل تعليلا، لكنك عرفت صراحتها في الاعتبار بتلف الأموال إما منضمة إلى النفوس أو مستقلة على الاحتمالين، فلا وجه للاقتصار على النفوس فيها،
(٣٥٥)